قال رحمه الله ( وذا بترك الأكل ثلاثا في الكلب وبالرجوع إذا دعوته في البازي ) أي روي ذلك عن التعليم في الكلب يكون بترك الأكل ثلاث مرات وفي البازي في الرجوع إذا دعي رضي الله تعالى عنهما ولأن بدن الكلب يحتمل الضرب فيمكن ضربه حتى يترك الأكل ، وبدن البازي لا يحتمل الضرب فلا يمكن تحقيق هذا الشرط فيه فاكتفي بغيره مما يدل على التعليم ولأن آية التعليم ترك ما هو مألوفه عادة ، وعادة البازي التوحش والاستنفاد ، وعادة الكلب الانتهاب والاستلاب لائتلافه بالناس فإذا ترك كل واحد منهما مألوفه دل على تعليمه وانتهاء علمه وهذا الفرق [ ص: 252 ] لا يتأتى إلا في الكلب خاصة ; لأنه هو الألوف دون غيره من ذوات الأنياب فإنها ليست بألوفة ، والفرق الأول يتأتى في الكل لأن بدن كل ذي ناب يحتمل الضرب فأمكن تعليمه بالضرب إلى أن يترك الأكل قال صاحب النهاية وهذا الفرق لا يتأتى في الفهد والنمر فإنه متوحش كالباز ثم الحكم فيه وفي الكلب سواء فالمعتمد هو الأول كذا في المبسوط وأجيب بأن الكلب في اللغة يقع على كل سبع وليس المراد مما ذكره ابن عباس المؤلف الكلب المعهود بل الكلب بالمعنى اللغوي فلهذا استووا فيما يقع به التعليم وإنما شرط ترك الأكل ثلاث مرات وهو قولهما ورواية عن رضي الله تعالى عنه ; لأن علمه يعرف بتكرار التجارب والامتحان هو مدة ضربت لذلك كما في قصة أبي حنيفة السيد موسى وكما في شرط الخيار وكذا قال صلى الله عليه وسلم { } وعن إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع أنه لم يثبت التعليم ما لم يغلب على ظنه أنه قد تعلم ولا يقدر بشيء ; لأن المقادير تعرف بالنص لا بالاجتهاد ولا نص هنا فيفوض إلى رأي المبتلى كما هو عادته ثم إذا ترك الأكل ثلاثا لا يحل الأول ولا الثاني على قول من قال بالثلاث وكذا الثالث عندهما ; لأنه لا يصير معلما إلا بعد تمام الثلاث وقبله غير معلم . الإمام