قال رحمه الله ( ومن يحج عنه من بلده ) وإن أحجوا عنه من [ ص: 505 ] موضع آخر فإن كان أقرب من بلده إلى خرج من بلده حاجا فمات في الطريق ، وأوصى بأن يحج عنه مكة ضمنوا النفقة ، وإن كان أبعد لا ضمان عليهم لأنهم في الأول لم يحصلوا مقصوده بصفة الكمال ، والإطلاق يقتضي ذلك ، وفي الثاني حصلوا مقصوده وزيادة .
وهذا عند ، وقالا يحج عنه من حيث مات استحسانا لأن سفره بنية الحج وقع قربة ، وسقط فرض من قطع المسافة بقدره ، وقد وقع أجره على الله { أبي حنيفة ، ومن يخرج من بيته مهاجرا } الآية ، ولم ينقطع سفره بموته بل كتب له حج مبرور فيبدأ من ذلك المكان كأنه من أهل ذلك المكان بخلاف ما إذا خرج من بيته للتجارة لأن سفره لم يقع قربة فيحج عنه من بلده أن الوصية تنصرف إلى الحج من بلده لأنه الواجب عليه على ما قررناه ، وعمله قد انقطع بالموت لقوله عليه الصلاة والسلام { ولأبي حنيفة آدم ينقطع بموته إلا ثلاث } الحديث ، والمراد بالثلاث في حق أحكام الآخرة من الثواب ، وهذا الخلاف فيمن له وطن ، وأما من لا وطن له فيحج عنه من حيث مات بالإجماع لأنه لو حج بنفسه إنما كان يتجهز من حيث هو فكذا إذا حج غيره لأن وطنه حيث حل قال رحمه الله ( والحاج عن غيره مثله ) أي كل عمل ابن فحكمه حكم الحاج عن نفسه إذا مات في الطريق حتى يحج عنه كما بينا من وطنه عند المأمور بالحج عن الغير فحج عنه فمات في الطريق ، وعندهما من حيث مات الأول ، وقد ذكرناها في كتاب الحج ، والله أعلم . أبي حنيفة