في أمان المرأة والعبد والصبي قلت : أرأيت في قول أمان المرأة والعبد والصبي هل يجوز ؟ مالك
قال : سمعت يقول أمان المرأة جائز ، وما سمعته يقول في العبد والصبي شيئا أقوم بحفظه وأنا أرى أمانهما جائز ، إلا أنه جاء في الحديث أنه يجير على المسلمين أدناهم إذا كان الصبي يعقل الأمان مالكا سحنون وقال غيره إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال في أم هانئ وفي زينب : { أم هانئ } ، وفيما أجاز من جوار قد أمنا من أمنت يا زينب أنه إنما كان من بعد ما نزل الأمان ، وقد يكون الذي كان من إجارته ذلك إنما هو النظر والحيطة للدين وأهله ، ولم يجعل ما قال يجير على المسلمين أدناهم أمرا يكون في يدي أدنى المسلمين فيكون ما فعل يلزم الإمام ليس له الخروج من فعله ، ولكن الإمام المقدم ينظر فيما فعل فيكون إليه الاجتهاد في النظر للمسلمين .
عن ابن وهب قال : سمعت أشياخنا يقولون : لا جوار للصبي ولا للمعاهد ، وإن أجارا فالإمام مخير فإن أحب أمضى جوارهما ، وإن أحب رده فإن أمضى فهو ماض وإن لم يمضه فليبلغه إلى مأمنه . إسماعيل بن عياش عن ابن وهب الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد بن عبادة بن نسي عن قال : كتب إلينا عبد الرحمن بن غنم الأشعري فقرئ علينا كتابه إلى عمر بن الخطاب سعيد بن عامر بن حذيم ونحن محاصرو قيسارية : إن من أمنه منكم حرا وعبدا من عدوكم فهو آمن حتى تردوه إلى مأمنه ، أو يقيم فيكون على الحكم في الجزية ، وإذا أمنه بعض من تستعينون به على عدوكم من أهل الكفر فهو آمن حتى تردوه إلى مأمنه أو يقيم فيكم ، وإن نهيتم أن يؤمن أحد أحدا فجهل أحد منكم أو نسي أو لم يعلم أو عصى فأمن أحدا منهم فليس لكم عليه سبيل من أجل أنكم نهيتموه فردوه إلى مأمنه إلا أن يقيم فيكم ، ولا تحملوا [ ص: 526 ] إساءتكم على الناس فإنما أنتم جند من جنود الله ، وإن أشار أحدكم منكم إلى رجل منهم أن هلم أنا أقاتلك ، فجاء على ذلك ولم يفهم ما قيل له فليس لكم عليه سبيل حتى تردوه إلى مأمنه إلا أن يقيم فيكم ، وإذا أقبل الرجل إليكم منهم مطمئنا فأخذتموه فليس لكم عليه سبيل إن كنتم علمتم أنه جاءكم متعمدا ، فإن شككتم فيه وظننتم أنه جاءكم ولم تستيقنوا ذلك فلا تردوه إلى مأمنه واضربوا عليه الجزية ، وإن وجدتم في عسكركم أحدا لم يعلمكم بنفسه حتى قدرتم عليه ، فليس له أمان ولا ذمة فاحكموا عليه بما ترون أنه أفضل للمسلمين .