قلت : أرأيت لو أني في قول اشتريت أرضا من رجل بزرعها قبل أن يبدو صلاح الزرع بمائة دينار . فأتى رجل فاستحق نصف الأرض فطلب الأخذ بالشفعة ، كيف يصنع فيما بينهما ؟ قال : إذا استحق نصف الأرض . بطل البيع في النصف الذي استحقه هذا المستحق فيما بين البائع والمشتري في الأرض وفي الزرع ; لأن نصف الزرع الذي صار [ ص: 235 ] في نصف الأرض التي استحقت ، صار بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه ، فيرجع ذلك النصف من الزرع إلى بائع الأرض ويرد على مشتري الأرض نصف الثمن ; لأن نصف الأرض ونصف الزرع قد بطل البيع فيهما وبقي نصف الزرع ونصف الأرض ، والبيع فيهما صحيح . ثم يبدأ بالشفيع فيخير في الشفعة ، فإن اختار الأخذ بالشفعة كانت له الشفعة في نصف الأرض ، وليس له في نصف الزرع شفعة . مالك
قال : وإن ترك المستحق الشفعة فالمشتري بالخيار إن شاء تماسك بما بقي في يديه من نصف الأرض ونصف الزرع ، ورجع بنصف الثمن الذي استحق . وإن شاء رد ذلك ; لأنه قد استحق منها ما له البال والقدر وعليه قيمة المضرة ، فله أن يرد ذلك إن شاء ويرجع بجميع الثمن . قلت : ولم بدأت الشفيع بالخيار في الأخذ بالشفعة ، والمشتري يقول : أنا لا أريد التماسك وأنا أريد الرد ; لأن ما استحق منها عيب فيها شديد ، فأنا أريد الرد ولا أحب أن يكون للشفيع علي عهدة إذا كان لي أن أرد ؟
قال : ليس ذلك له وله الشفعة عليه .
قال : وقال في مالك ؟ رجل باع من رجل حائطا ، فأتى رجل فاستحق بعض الحائط وأراد أن يأخذ بالشفعة وفيه ثمر لم يبد صلاحه ، كيف يصنع
قال : قال : يدفع الشفيع إلى المشتري قيمة ما أنفق في النخل في سقيها وعلاجها وتكون له الثمرة كلها . مالك
قال ابن القاسم : وذلك أن بعض المدنيين قالوا : إن الثمرة للمشتري حين لم يدركه الشفيع حتى أبرت النخل ، فقال ما أخبرتك . مالك
قال : وقال : ولو أن مالك ، لم يكن له من الزرع قليل ولا كثير ، وإنما له كراء مثلها إذا كان زرع الأرض لم يفت ، ولو لم يكن فيها زرع لزرعها المستحق ، ولو كان فيها زرع وقد فاتت زراعة الأرض لم يكن له من كراء الأرض قليل ولا كثير ، وكان بمنزلة ما لو زرعها وهي في يده قبل ذلك لما مضى من السنين . قلت : فإن رجلا ابتاع أرضا فزرعها فأتى رجل فاستحقها ؟ استحق بعضها وأخذ البقية بالشفعة ، أيكون له فيما أخذ بالشفعة كراء أم لا
قال : أما حقه الذي استحقه فله فيه كراء مثلها على ما وصفت لك . وأما الذي يأخذ بالشفعة فلا كراء له ; لأنه لم تجب له الأرض إلا بعد ما أخذها وقد زرعها صاحبها قبل ذلك . والذي استحق قد كان وجب له قبل الزرع ، فله فيه الكراء على ما وصفت لك ما لم تفت الزراعة .