فيمن عفا عن قاذفه ثم أراد أن يقوم عليه قلت : أرأيت إن قال : قد أخبرتك عن عفا عن قاذفه ، ثم أتى به بعد زمان فأراد أن يحده ولم يكن كتب عليه بذلك كتابا ؟ أنه قال : لا يحد والعفو جائز . قال : وقال مالك في مالك إنه يجلد الحد إن رفعه إلى الإمام إلا أن يحلف القائل يا مخنث ، بالله ، أنه لم يرد بذلك قذفا . فإن حلف عفا عنه بعد الأدب ولم يضرب حد الفرية ، فإن هو عفا عنه قبل أن يأتي السلطان ثم طلبه بعد ذلك فإنه لا يحد له . رجل قال لآخر : يا مخنث .
قال سحنون : وقد ذكر بعض الرواة عن أن القاذف إنما تقبل يمينه إذا زعم أنه لم يرد بذلك قذفا إذا كان المقذوف ، فيه تأنيث ولين واسترخاء ، فحينئذ يصدق ويحلف أنه لم يرد قذفا وإنما أراد تأنيثه ذلك . وأما إذا كان المقذوف ، ليس فيه شيء من ذلك ، ضرب الحد ولم تقبل يمينه إذا زعم أنه لم يرد بذلك قذفا ، وهو عندي أفضل من رواية مالك ابن القاسم . قيل له : إن عندنا بالأندلس لا يعرفون من قال هذا القول أراد به إلا الفعل ، فأرى أن يحد ولا تقبل منه يمينه . قال : وقد بلغني عن في مالك قال رجل قذف رجلا فعفا عنه قبل أن يبلغ به إلى السلطان ، ثم بدا له أن يقوم به : ليس ذلك له ولا حد عليه . وقد أخبرني بذلك من أثق به وهو رأيي . قلت : أرأيت مالك قال : لا يقوم به عند القذف ، أيقوم به من قام به من الناس ؟ إلا المقذوف . مالك