قلت : فلو أن قال لا يلتفت إلى شهادة الشهود عند قوما شهدوا على رجل أنه قذف فلانا وفلان يكذبهم ويقول : ما قذفني ؟ . قلت : أرأيت إن مالك قال : هذا قد بلغ الإمام وقد شهد الشهود عند الإمام بالحد وهو مدع للقذف ، فلما وجب الحد قال : كذبت بينتي . فلا ينظر في قوله لأن الحد قد وجب ، فهذا يريد إبطاله ألا ترى أنه [ ص: 489 ] لو عفا لم يجز عفوه ، فكذلك إكذابه البينة لا ينظر في ذلك بعدما وجب الحد عند السلطان ، ويضرب القاذف الحد وهو رأيي ، ولم أسمعه من ادعى المقذوف أن القاذف قذفه وأقام على ذلك البينة عند السلطان ، ثم إن المقذوف قال للسلطان بعدما شهدت شهوده : إنهم شهدوا بزور ؟ . قلت : أرأيت إن قال : لم يقذفني ؟ مالك
قال : هذا وما فسرت لك سواء . قلت : أرأيت إن قال : يدرأ الحد عنه . قال الشهود بعدما وجب الحد : ما شهدنا إلا بزور ؟
قلت : لم درأته برجوع الشهود ولم تدرأه بتكذيب المدعي إياهم ؟
قال : لأن هذا الأمر كان للمدعي حتى يبلغ السلطان ، فلما بلغ السلطان وقامت البينة انقطع ما كان لهذا المقذوف فيه من حق ، وصار الحق لله فلا يجوز له ههنا قول . والبينة إن رجعت عن شهادتهما لم أقدر أن أقيم الحد ولا بينة ثابتة عن الشهادة .
قلت : تحفظ هذا عن ؟ مالك
قال : هذا رأيي .