قلت : فلو أن مصر ، وليس بمصر من قومه أحد وقومه بالعراق أو باليمن ، فجنى جناية بمصر ، أيضم إليه أقرب القبائل إليه من قومه بمصر فيحملون جنايته ، أم تجعل جنايته على قومه حيث كانوا في قول ؟ مالك قال : قال رجلا من قبيلة من قبائل العرب جنى جناية بأرض : إذا انقطع البدوي إلى الحضر فسكن الحضر عقل معهم ، ولا يعقل أهل الحضر مع أهل البدو ولا أهل البدو مع أهل الحضر . وقال مالك : إن أهل مالك مصر لا يعقلون مع أهل الشام ، وأهل الشام لا يعقلون مع أهل مصر ، ولكن إن كان من أهل مصر وهي مسكنه عقل عنه أهل مصر .
وقال : إذا جرح الرجل الرجل - ولم يكن في قومه من يحمل عقله - لقلتهم - ضم إليهم أقرب القبائل إليهم ، فإن لم يكن فيهم قوم يحملون العقل ضم إليهم أيضا أقرب القبائل منهم حتى يكون فيهم من يحمل العقل . قال : قلت مالك : فكيف تحمل العاقلة العقل ؟ لمالك
قال : على الغني بقدره وعلى من دونه بقدره . مالك
قال : وإنما على ذلك قدر طاقة الناس في يسرهم . مالك
قلت : فهذا الذي تحول إلى مصر فسكنها ، أهو بمنزلة المصريين ؟
قال : نعم ، إذا تحول إلى مصر رجل من أهل البادية أو من أهل الشام أو من أهل العراق فسكن مصر وانقطع إليها فهو بمنزلة رجل من أهل مصر . قال : وقد قال في البدوي ما أخبرتك أنه يصير مصريا إذا انقطع إلى مالك مصر . وقد قاله في الشامي إذا تحول إلى مصر ، إنه يصير مصريا ويعقل معهم .
قلت : فإن مصر جناية - وقومه بالشام ومنهم بمصر - والذين بمصر لا يحملون الجناية لقلتهم ولسعة الدية ، أيضم إليهم أقرب القبائل منهم ، أم يحمل قومه الذين بالشام الدية ، وإنما كان تحول من الشام إلى مصر ؟ قال : إذا تحول إلى جنى الرجل الذي تحول إلى مصر فسكنها فهو من أهل مصر كما أخبرتك ، ولا يحمل أهل الشام جناية أهل مصر ولا أهل مصر جناية أهل الشام . فقد قال في أهل مالك الشام : لا يحملون جناية أهل مصر ولا أهل مصر يحملون جناية أهل الشام ; لأن قال في أهل البدو : لا يحملون جناية أهل الحضر وأهل الحضر لا يحملون جناية أهل البدو . فأرى أن يضم إليه أقرب القبائل فيحملون الدية كما وصفت [ ص: 630 ] لك . مالكا
قلت : فإن بمصر من قومه أحد يحمل جنايته ، ضمت إليه أقرب القبائل إلى قومه فيحملون جريرته ؟ قال : نعم . لم يكن لهذا الرجل
قلت : لم قال إن أهل البدو لا يحملون مع أهل الحضر ، وأهل الحضر لا يحملون مع أهل البدو ؟ مالك
قال ابن القاسم : لأنه لا يستقيم أن يكون في دية واحدة إبل ودنانير ، أو إبل ودراهم ، أو دراهم ودنانير ، فهذا تفسيره ، وما سمعت من فيه شيئا . فأما أهل مالك الشام وأهل مصر فهم أجناد وقد جندت ، فكل جند عليهم جرائرهم دون من سواهم من الأجناد .