864 الأصل

[ 553 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا رمد وهو [ ص: 280 ] محرم أقطر في عينيه الصبر إقطارا، وأنه قال: يكتحل المحرم بأي كحل إذا رمد ما لم يكتحل بطيب ومن غير رمد، ابن عمر القائل .

التالي السابق

الشرح

الشَّرْحُ

يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ الِاكْتِحَالُ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَفَعَلَهُ عِنْدَ الرَّمَدِ، وَالْإِقْطَارُ كَالتَّقْطِيرِ، وَهَلْ يُكْرَهُ الِاكْتِحَالُ إِذَا لَمْ يَكُنْ رَمَدٌ؟ نُقِلَ عَنِ الْإِمْلَاءِ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَعَنْ غَيْرِ الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَقِيلَ: الِاكْتِحَالُ بِالْإِثْمِدِ وَمَا فِيهِ زِينَةٌ يُكْرَهُ، وَبِالتُّوتِيَاءِ الْأَبْيَضِ لَا يُكْرَهُ إِذْ لَا زِينَةَ فِيهِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ كَرَاهِيَةُ الْإِثْمِدِ، وَقَالَ: إِنَّهُ زِينَةٌ وَالْوَقْتُ وَقْتُ تَخَشُّعٍ وَعِبَادَةٍ .

وَقَوْلُهُ: "ابْنُ عُمَرَ الْقَائِلُ" أَيْ: هُوَ الَّذِي قَالَ: "يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ ... إِلَى آخِرِهِ" وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الرَّاوِينَ.

وَكَمَا يَجُوزُ تَقْطِيرُ الصَّبِرِ فِي الْعَيْنَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُضَمِّدَهَا بِهِ، فَفِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَبِيهِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَلَلٍ اشْتَكَى عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَيْنَيْهِ، فَلَمَّا كُنَّا بِالرَّوْحَاءِ اشْتَدَّ وَجَعُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يَسْأَلُهُ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنِ اضْمِدْهَا بِالصَّبِرِ فَإِنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فِي] الرَّجُلِ إِذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ضَمَّدَهَا بِالصَّبِرِ [ ص: 281 ] .

الشرح

يجوز للمحرم الاكتحال بما لا طيب فيه كما ذكره ابن عمر وفعله عند الرمد، والإقطار كالتقطير، وهل يكره الاكتحال إذا لم يكن رمد؟ نقل عن الإملاء للشافعي أنه يكره، وبه قال أحمد، وعن غير الإملاء أنه لا بأس به، وقيل: الاكتحال بالإثمد وما فيه زينة يكره، وبالتوتياء الأبيض لا يكره إذ لا زينة فيه، وروي عن ابن جريج كراهية الإثمد، وقال: إنه زينة والوقت وقت تخشع وعبادة .

وقوله: "ابن عمر القائل" أي: هو الذي قال: "يكتحل المحرم ... إلى آخره" وليس ذلك من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من قول بعض الراوين.

وكما يجوز تقطير الصبر في العينين يجوز أن يضمدها به، ففي صحيح مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره، عن ابن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن نبيه بن وهب قال: خرجنا مع أبان بن عثمان حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه، فلما كنا بالروحاء اشتد وجعه فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله ، فأرسل إليه أن اضمدها بالصبر فإن عثمان رضي الله عنه حدث عن رسول - صلى الله عليه وسلم -[في] الرجل إذا اشتكى عينيه وهو محرم ضمدها بالصبر [ ص: 281 ] .