[ ص: 130 ] باب . السلم في المأكول كيلا أو وزنا
( قال ) : رحمه الله : أصل السلف فيما يتبايعه الناس أصلان فما كان منه يصغر وتستوي خلقته فيحتمله المكيال ، ولا يكون إذا كيل تجافى في المكيال فتكون الواحدة منه بائنة في المكيال عريضة الأسفل دقيقة الرأس أو عريضة الأسفل والرأس دقيقة الوسط فإذا وقع شيء إلى جنبها منعه عرض أسفلها من أن يلصق بها ووقع في المكيال وما بينها وبينه متجاف ثم كانت الطبقة التي فوقه منه هكذا لم يجز أن يكال واستدللنا على أن الناس إنما تركوا كيله لهذا المعنى ، ولا يجوز أن يسلف فيه كيلا وفي نسبته بهذا المعنى ما عظم واشتد فصار يقع في المكيال منه الشيء ثم يقع فوقه منه شيء معترضا وما بين القائم تحته متجاف فيسد المعترض الذي فوقه الفرجة التي تحته ويقع عليه فوقه غيره فيكون من المكيال شيء فارغ بين الفراغ وذلك مثل الرمان والسفرجل والخيار والباذنجان وما أشبهه مما كان في المعنى الذي وصفت ، ولا يجوز السلف في هذا كيلا ولو تراضى عليه المتبايعان سلفا وما صغر وكان يكون في المكيال فيمتلئ به المكيال ، ولا يتجافى التجافي البين مثل التمر وأصغر منه مما لا تختلف خلقته اختلافا متباينا مثل السمسم وما أشبهه أسلم فيه كيلا ( قال ) : وكل ما وصفت لا يجوز السلم فيه كيلا فلا بأس بالسلم فيه وزنا وأن يسمى كل صنف منه اختلف باسمه الذي يعرف به ، وإن شرط فيه عظيما أو صغيرا فإذا أتى به أقل ما يقع عليه اسم العظم ووزنه جاز على المشتري فأما الصغير فأصغره يقع عليه اسم الصغر ، ولا أحتاج إلى المسألة عنه ( قال ) : وذلك مثل أن يقول : أسلم إليك في خربز خراساني أو بطيخ شامي أو رمان إمليسي أو رمان حراني ، ولا يستغنى في الرمان عن أن يصف طعمه حلوا أو مرا أو حامضا فأما البطيخ فليس في طعمه ألوان ويقول عظام أو صغار ويقول في القثاء هكذا فيقول قثاء طوال وقثاء مدحرج وخيار يصفه بالعظم والصغر والوزن ، ولا خير في أن يقول قثاء عظام أو صغار ; لأنه لا يدري كم العظام والصغار منه ، إلا أن يقول كذا وكذا رطلا منه صغارا وكذا وكذا رطلا منه كبارا وهكذا الدباء وما أشبهه فعلى هذا ، هذا الباب كله وقياسه . الشافعي
( قال ) : ولا بأس الشافعي كلها إذا سمي كل جنس منها وقال هندبا أو جرجيرا أو كراثا أو خسا وأي صنف ما أسلف فيه منها وزنا معلوما لا يجوز إلا موزونا فإن ترك تسمية الصنف منه أو الوزن لم يجز السلف ( قال بالسلف في البقول ) : وإن كان منه شيء يختلف صغاره وكباره لم يجز إلا أن يسمى صغيرا أو كبيرا كالقنبيط تختلف صغاره وكباره وكالفجل وكالجزر وما اختلف صغاره وكباره في الطعم والثمن ( قال ) : ويسلف في الجوز وزنا ، وإن كان لا يتجافى في المكيال كما وصفت أسلم فيه كيلا والوزن أحب إلي وأصح فيه قال الشافعي إذا شرط محله في وقت لا ينقطع من أيدي الناس في ذلك البلد فلا بأس بالسلف فيه وزنا ، ولا يجوز السلف فيه وزنا حتى يشترط صفة القصب إن كان يتباين ، وإن كان أعلاه مما لا حلاوة فيه ، ولا منفعة فلا يتبايع إلا أن يشترط أن يقطع أعلاه الذي هو بهذه المنزلة ، وإن كان يتبايع ويطرح ما عليه من القشر ويقطع مجامع عروقه من أسفله قال ، ولا يجوز أن يسلف فيه حزما ، ولا عددا ; لأنه لا يوقف على حده بذلك وقد رآه ونظر إليه قال : ولا خير في أن يشتري قصبا ، ولا بقلا ، ولا غيره مما يشبهه بأن يقول : أشتري منك زرع كذا وكذا . وقصب السكر :
[ ص: 131 ] فدانا ، ولا كذا وكذا حزما من بقل إلى وقت كذا وكذا ; لأن زرع ذلك يختلف فيقل ويكثر ويحسن ويقبح وأفسدناه لاختلافه في القلة والكثرة لما وصفت من أنه غير مكيل ، ولا موزون ، ولا معروف القلة والكثرة ، ولا يجوز أن يشتري هذا إلا منظورا إليه وكذلك القصب والقرط وكل ما أنبتت الأرض لا يجوز السلف فيه إلا وزنا أو كيلا بصفة مضمونة لا من أرض بعينها فإن أسلف فيه من أرض بعينها فالسلف فيه منتقض ( قال ) : وكذلك لا يجوز في قصب ، ولا قرط ، ولا قصيل ، ولا غيره بحزم ، ولا أحمال ، ولا يجوز فيه إلا موزونا موصوفا وكذلك التين وغيره لا يجوز إلا مكيلا أو موزونا ومن جنس معروف إذا اختلفت أجناسه فإن ترك من هذا شيئا لم يجز السلف فيه والله أعلم .