. إقرار المغلوب على عقله
( قال ) : رحمه الله من أصابه مرض ما كان المرض ، فغلب على عقله فأقر في حال الغلبة على عقله فإقراره في كل ما أقر به ساقط ; لأنه لا فرض عليه في حاله تلك وسواء كان ذلك المرض بشيء أكله أو شربه ليتداوى به فأذهب عقله أو بعارض لا يدرى ما سببه . ( قال الشافعي ) : ولو شرب رجل خمرا أو نبيذا مسكرا فسكر لزمه ما أقر به وفعل مما لله وللآدميين ; لأنه ممن تلزمه الفرائض ; ولأن عليه حراما وحلالا وهو آثم بما دخل فيه من شرب المحرم ، ولا يسقط عنه ما صنع ; ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب في شرب الخمر . الشافعي
( قال ) : ومن الشافعي لم يلزمه إقراره ; لأنه لا ذنب له فيما صنع . أكره فأوجر خمرا فأذهب عقله ثم أقر
( قال ) : ولو الشافعي لم يلزمه في ذلك حد بحال ، لا لله ، ولا للآدميين كأن أقر أنه قطع رجلا أو قتله أو سرقه أو قذفه أو زنى فلا يلزمه قصاص ، ولا قطع ، ولا حد في الزنا ولولي المقتول أو المجروح إن شاء أن يأخذ من ماله الأرش وكذلك للمسروق أن يأخذ قيمة السرقة ، وليس للمقذوف شيء ; لأنه لا أرش للقذف ثم هكذا أقر في صحته أنه فعل شيئا في حال ضر غلبه على عقله لا يختلف . ألا ترى أنه لو أقر في حال غلبته على عقله وصغره فأبطلته عنه ثم قامت به عليه بينة أخذت منه ما كان في ماله دون ما كان في بدنه ، فإقراره بعد البلوغ أكثر من بينة لو قامت عليه . البالغ إذا أقر أنه صنع من هذا في الصغر
ولو أقر بعد الحرية أنه فعل من هذا شيئا وهو مملوك بالغ ألزمته حد المملوك فيه كله ، فإن كان قذفا حددته أربعين أو زنا حددته خمسين ونفيته نصف سنة إذا لم يحد قبل [ ص: 240 ] إقراره ، أو قطع يد حر أو رجله عمدا اقتصصت منه إلا أن يشاء المقتص له أخذ الأرش ، وكذلك لو قتله . وكذلك لو أقر بأنه فعله بمملوك يقتص منه ; لأنه لو جنى على مملوك ، وهو مملوك فأعتق ألزمته القصاص إلا أنه يخالف الحر في خصلة ما أقر به من مال ألزمته إياه نفسه إذا أعتق ; لأنه بإقرار كما يقر الرجل بجناية خطأ فأجعلها في ماله دون عاقلته ، ولو قامت عليه بينة بجناية خطأ تلزم عنقه وهو مملوك ألزمت سيده الأقل من قيمته يوم جنى والجناية ; لأنه أعتقه فحال بعتقه دون بيعه .