الحال الثانية التي يجوز فيها استقبال غير القبلة
( قال ) رحمه الله تعالى ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الشافعي أن يصلي راكبا حيث توجه ( قال ) وإذا كان الرجل مسافرا متطوعا راكبا صلى النوافل حيث [ ص: 118 ] توجهت به راحلته وصلاها على أي دابة قدر على ركوبها حمارا ، أو بعيرا ، أو غيره وإذا أراد الركوع ، أو السجود ، أومأ إيماء وجعل السجود أخفض من الركوع وليس له أن يصلي إلى غير القبلة مسافرا ولا مقيما إذا كان غير خائف صلاة وجبت عليه بحال مكتوبة في وقتها ، أو فائتة ، أو صلاة نذر ، أو صلاة طواف ، أو صلاة على جنازة ( قال ) وبهذا فرقنا بين الرجل يوجب على نفسه الصلاة قبل الدخول فيها فقلنا لا يجزيه فيها إلا ما يجزيه في المكتوبات من القبلة وغيرها وبين الرجل يدخل في الصلاة متطوعا ثم زعمنا أنه غلط من زعم أنه إذا دخل فيها بلا إيجاب لها فحكمها حكم الواجب وهو يزعم كما نزعم أنه لا يصلي واجبا لنفسه إلا واجبا ، أوجبه على نفسه مسافرا إلا إلى القبلة وأن المتطوع يصلي إلى غير القبلة . للمسافر إذا تطوع راكبا
أخبرنا عن مالك عن عبد الله بن دينار قال { ابن عمر } أخبرنا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به عن مالك عمرو بن يحيى عن عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه قال { ابن عمر خيبر } ( قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى ) يعني النوافل أخبرنا الشافعي عبد المجيد عن قال أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير يقول : { جابرا } أخبرنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي وهو على راحلته النوافل في كل جهة محمد بن إسماعيل عن عن ابن أبي ذئب عثمان بن عبد الله بن سراقة عن { جابر } وإذا أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار كان يصلي على راحلته متوجها قبل المشرق لم يجزه أن يصلي حتى يستقبل القبلة فيكبر ثم ينحرف إلى جهته فيمشي فإذا حضر ركوعه لم يجزه في الركوع ولا في السجود إلا أن يركع ويسجد بالأرض ; لأنه لا مؤنة عليه في ذلك كهي على الراكب ( قال ) كان المسافر ماشيا نافلة فللراكب أن يومئ به إيماء وعلى الماشي أن يسجد به إذا أراد السجود ولا يكون للراكب في مصر أن يصلي نافلة إلا كما يصلي المكتوبة إلى قبلة وعلى الأرض وما تجزيه الصلاة عليه في المكتوبة ; لأن أصل فرض المصلين سواء إلا حيث دل كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أرخص لهم ( قال ) وسواء قصير السفر وطويله إذا خرج من المصر مسافرا يصلي حيث توجهت به راحلته متطوعا كما يكون له التيمم في قصير السفر وطويله ; لأنه يقع على كل اسم سفر وكذلك لو وسجود القرآن والشكر والوتر وركعتا الفجر كان له أن يصلي حيث توجهت به مركبه وإن ركب محملا ، أو حمارا ، أو غيره لم يكن له أن يمضي على صلاته بعد أن يصير إلى مصره ولا موضع مقام له فكان عليه أن ينزل فيركع ويسجد بالأرض وكذلك إذا نزل في قرية ، أو غيرها لم يكن له أن يمضي على صلاته وإن افتتح الصلاة متطوعا راكبا مسافرا ثم دخل المصر فهي من سفره وله أن يمضي فيها مصليا على بعيره وإن مر بقرية في سفره ليست مصره ولا يريد النزول بها فسواء ولا يكون له أن يصلي إلا على الأرض كما يصلي المكتوبة وإن نزل في سفره منزلا في صحراء ، أو قرية لم يكن له ذلك إلا أن يخرج من الصلاة التي افتتح بإكمالها بالسلام فإن ركب قبل أن يكملها فهو قاطع لها ولا يكون متطوعا على البعير حتى يفتتح على البعير صلاة بعد فراقه النزول وكذلك إذا خرج ماشيا وإن افتتح الصلاة على الأرض ثم أراد الركوب لم يكن ذلك له حتى يركع ويسجد ويسلم فإن فعل قبل أن يصلي ويسلم قطع صلاته وكذلك لو فعل ، ثم ركب فقرأ ثم نزل فسجد بالأرض كان قاطعا لصلاته ; لأن ابتداء [ ص: 119 ] الركوب عمل يطول ليس له أن يعمله في الصلاة ولو افتتح الصلاة على الأرض مسافرا فأراد ركوب البعير كان ذلك له ; لأن النزول أخف في العمل من الركوب وإذا نزل ركع على الأرض وسجد لا يجزيه غيره فإذا نزل ، ثم ركب قطع الصلاة بالركوب كما وصفت بأنه كان عليه إذا نزل أن يركع ويسجد على الأرض وإذا افتتح الصلاة راكبا فأراد النزول قبل أن يكمل الصلاة وأن يكون في صلاته فإن انحرفت به طريقه كان له أن ينحرف وهو في الصلاة وإن انحرفت عن جهته حتى يوليها قفاه كله بغير طريق يسلكها فقد أفسد صلاته إلا أن تكون القبلة في الطريق التي انحرف إليها ولو افتتح الصلاة راكبا ، أو ماشيا قفاه إلى غير قبلة فإن رجع مكانه بنى على صلاته وإن تطاول ساهيا ، ثم ذكر مضى على صلاته وسجد للسهو وإن ثبت وهو لا يمكنه أن ينحرف ذاكرا ; لأنه في صلاة فلم ينحرف فسدت صلاته وإذا غبته دابته ، أو نعس فولى طريقه لم يكن عليه تأخي القبلة ; لأن له أن يتعمد أن يجعل قبلته حيث توجه مركبه فإن افتتح الصلاة ، وبعيره واقف قبل القبلة منحرفا عن طريقه افتتحها على القبلة ومضى على بعيره وإن افتتحها وبعيره واقف على غير القبلة لم يكن له ذلك ولا يفتتحها إلا وبعيره متوجه إلى قبلة ، أو إلى طريقه حين يفتتحها ، فأما وهو واقف على غير القبلة فلا يكون له أن يفتتح الصلاة ركب فأراد افتتاح الصلاة حيث توجهت به راحلته