جناية المجروح على نفسه
( قال ) رحمه الله تعالى : ولو قطع من لحمه شيئا فإن كان قطع لحما ميتا فذلك دواء والجارح ضامن بعد لما زادت الجراح ، وإن كان قطع ميتا وحيا لم يضمن الجارح إلا الجرح نفسه وإذا قلت : الجارح ضامن للزيادة في الجراح فإن مات منها المجروح فعلى الجارح القود عمدا إلا أن تشاء ورثته الدية فتكون في ماله ، وعلى عاقلته الدية إن كانت خطأ ، وإذا الشافعي جعلت على الجارح نصف ديته ولم أجعل له في النفس قودا ، وإن كانت عمدا وجعلته شيئا من جناية الجاني وجناية المجني على نفسه أبطلت جنايته على نفسه وضمنت الجاني جنايته عليه ، وهكذا لو قلت ليس الجارح بضامن للزيادة فمات المجروح فالجاني ضامن لزيادتها في ماله إن كانت عمدا وإن كان في طرف فإن كان الكف فتآكلت فسقطت أصابعها أو الكف كلها لم يضمن الجاني مما قطع المجني عليه شيئا إلا أن تقوم البينة بأن المقطوع كان ميتا فيضمن أرشها فإن لم تثبت البينة أنه كان ميتا أو قالت كان حيا وكان خيرا له أن يقطع فقطعه لم يضمنه الجاني . قطع المجني عليه الكف أو الأصابع
وكذلك لو لم يضمن الجاني شيئا من قطع المجني عليه فإن مات جعلت على الجاني نصف ديته ; لأن ظاهره أنه مات من جناية الجاني وجناية المجني عليه على نفسه وإذا أصاب المجني عليه منه أكلة وكان خيرا له أن يقطع الكف لئلا تمشي الأكلة في جسده فقطعها ، والأطراف حية فعلى الجاني نصف [ ص: 63 ] أرش المجني عليه ; لأنه مات من السم والجناية فإن كان السم يوحي مكانه كما يوح الذبح فالسم قاتل وعلى الجاني أرش الجرح فقط ، وإن كان السم مما يقتل ولا يقتل فالجناية من السم والجراح وعليه نصف الدية ، وإن كان داوى المجني عليه جراحه بسم فمات فالقول قول المجني عليه أنه شيء لا يضر مع يمينه وقول ورثته بعده والجاني ضامن لما حدث في الجناية . داوى جرحه بشيء لا يعرف
ولو أن فإن كانت الخياطة في جلد حي فالجارح ضامن للجرح وإن رجلا جرح رجلا جرحا فخاط المجروح عليه الجرح ليلتئم فعلى الجارح نصف الدية وأجعل الجناية من جرح الجاني وخياطة المجروح ; لأن الخياطة ثقب في جلد حي وإن كانت الخياطة في جلد ميت فالدية كلها على الجارح ولا يعلم موت الجلد ولا اللحم إلا بإقرار الجاني أو بينة تقوم للمجني عليه من أهل العلم ; لأن الظاهر أن ذلك حي حتى يعلم موته ولو مات المجروح بعد الخياطة كان الجاني ضامنا لجميع النفس ; لأن المجني عليه لم يحدث فيها جناية إنما أحدث فيها منفعة وغير ضرر . لم يزد المجروح على أن ربط الجرح رباطا بلا خياطة ولاحم بينه بدمه أو بدواء لا يأكل اللحم الحي وليس بسم فمات المجني عليه
( قال ) ولو أن الشافعي كان كيه إياه تكميدا بصوف أو ما أشبهه مما يقول أهل العلم : إن هذا ينفع ولا يضر من بلغ هذا أو أكثر منه ضمن الجارح الجناية وما زاد فيها وإن كان بلغ كيها أن أحرق معها صحيحا أو قيل : قد كواها كيا ينفع مرة ويضر أخرى أو يدخل بداخله حال فهو جان على نفسه كما وصفت في الباب قبله يسقط نصف النفس بجنايته على نفسه ويلزم الجاني نصفها إن صارت الجناية نفسا . . المجني عليه كوى الجرح