باب سجود التلاوة والشكر
وقد ترجم سجود القرآن في اختلاف علي رضي الله عنهما وفي اختلاف الحديث وفي اختلاف وابن مسعود مالك رحمهما الله تعالى مرتين . والشافعي
أما الأول ففيه أخبرنا الربيع قال : أخبرنا الشافعي عن هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر رضي الله عنه قال علي { : عزائم السجود ألم تنزيل } { والنجم } ، و { اقرأ باسم ربك الذي خلق } ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي عن هشيم أبي عبد الله الجعفي [ ص: 158 ] عن عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا : ويروى عن علي عمر وابن عمر رضي الله عنهم وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن وابن عباس رضي الله عنه يخالفونه أخبرنا علي الربيع قال : أخبرنا [ ص: 159 ] قال : أخبرنا الشافعي عن ابن مهدي سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن رضي الله عنه لما رمى بالمجدح خر ساجدا ونحن نقول : لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجدها ، وعن عليا أبي بكر رضي الله عنهما وهم ينكرونها يكرهونها ونحن نقول وعمر . لا بأس بالسجدة لله تعالى في الشكر
[ ص: 160 ] وأما الثاني : وهو الذي في اختلاف الحديث ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي محمد بن إسماعيل عن عن ابن أبي ذئب الحارث بن عبد الرحمن عن عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان رضي الله عنه { أبي هريرة } أخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال أراد الشهرة الربيع قال : أخبرنا قال : أخبرنا الشافعي محمد بن إسماعيل عن عن ابن أبي ذئب يزيد عن عبد الله بن قسيط عن عن { عطاء بن يسار أنه قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجم فلم يسجد فيها زيد بن ثابت } .
( قال ) : وفي هذين الحديثين دليل على أن الشافعي ولكنا نحب أن لا يترك ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في النجم وترك . سجود القرآن ليس بحتم
( قال ) وفي النجم سجدة ولا أحب أن يدع شيئا من سجود القرآن وإن تركه كرهته له ، وليس عليه قضاؤه ; لأنه ليس بفرض فإن قال قائل : ما دل على أنه ليس بفرض ؟ قيل : السجود صلاة قال الله تعالى : { الشافعي إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } فكان الموقوت يحتمل مؤقتا بالعدد ومؤقتا بالوقت فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم { } فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار فأحب إلينا أن لا يدعه ومن تركه ترك فضلا لا فرضا وإنما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجم ; لأن فيها سجودا في حديث أن الله عز وجل فرض خمس صلوات فقال رجل يا رسول الله هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع وفي سجود النبي صلى الله عليه وسلم في النجم دليل على ما وصفت ; لأن الناس سجدوا معه إلا رجلين ، والرجلان لا يدعان الفرض إن شاء الله ولو تركاه أمرهما رسول الله [ ص: 161 ] صلى الله عليه وسلم بإعادته . أبي هريرة
( قال ) وأما حديث { الشافعي زيد أنه قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد } فهو والله أعلم أن زيدا لم يسجد وهو القارئ فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن عليه فرضا فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم به .
أخبرنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم { عطاء بن يسار } . أن رجلا قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة فسجد . فسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم تسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كنت إماما فلو سجدت سجدت معك
( قال ) : إني لأحسبه الشافعي ; لأنه يحكى أنه قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد وإنما روى الحديثين معا زيد بن ثابت . عطاء بن يسار
( قال ) فأحب أن الشافعي وأن يسجد من سمعه فإن قال قائل فلعل أحد هذين الحديثين نسخ الآخر قيل فلا يدعي أحد أن السجود في النجم منسوخ إلا جاز لأحد أن يدعي أن ترك السجود منسوخ والسجود ناسخ ، ثم يكون ، أولى ; لأن السنة السجود لقول الله عز وجل { يبدأ الذي يقرأ السجدة فيسجد فاسجدوا لله واعبدوا } ولا يقال لواحد من هذا ناسخ ولا منسوخ ، ولكن يقال هذا اختلاف من جهة المباح .
وأما الثالث : وهو الذي في اختلاف الحديث مالك رضي الله عنهما ففيه سألت والشافعي عن الشافعي إذا السماء انشقت } قال فيها سجدة فقلت له وما الحجة أن فيها سجدة فقال : أخبرنا السجود في { عن مالك عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن { أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه قرأ لهم { أبا هريرة إذا السماء انشقت } فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها } أخبرنا أن عن مالك ابن شهاب عن أن الأعرج قرأ " والنجم إذا هوى " فسجد فيها ، ثم قام فقرأ سورة أخرى أخبرنا عمر بن الخطاب قال : أخبرنا بعض أصحابنا عن الشافعي أن مالك أمر عمر بن عبد العزيز أن يأمر القراء أن يسجدوا في { محمد بن مسلم إذا السماء انشقت } أخبرنا الربيع سألت عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت : وما الحجة في ذلك فقال : أخبرنا الشافعي عن مالك عن نافع أنه سجد في سورة الحج سجدتين ، أخبرنا ابن عمر عن مالك عن رجل من أهل نافع مصر أن سجد في [ ص: 162 ] الحج سجدتين ، ثم قال : إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت عمر فإنا نقول اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء فقال للشافعي : إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا : نعم وكان أقل أقوالهم لك أن يقولوا لا نعلم من أهل العلم له مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه وأما أن تقولوا : اجتمع الناس وأهل العلم معكم يقولون : ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم بهما النظر لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذا كنتم إنما أنتم مقصورون على علم الشافعي رحمنا الله وإياه وكنتم تروون عن مالك أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها وأنتم قد تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون : كان لا يحلف الرجل المدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم بها قول النبي صلى الله عليه وسلم : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ; لقول عمر بن عبد العزيز ، ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في { عمر إذا السماء انشقت } ومعه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأي ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العمل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه ، ثم أبي هريرة في الصحابة ، ثم أبو هريرة في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر بن عبد العزيز وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال كيف زعمتم أن عمر سجد في { أبا هريرة إذا السماء انشقت } وأن أمر بالسجود فيها وأن عمر سجد في النجم ، ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من علماء التابعين فقال : قولكم اجتمع الناس لما حكوا فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم ، ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم ، ثم لا تروون عن غيره خلافه ، ثم رويتم عن عمر بن الخطاب عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة ، ثم تقولون أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون مأخوذا عليه فيه لما فيه مما لا يخفى عن أحد يعقل إذا سمعه أرأيتم إذا قيل لكم أي الناس اجتمع على أن لا سجود في المفصل وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم مثلهم خلافهم أليس أن تقولوا أجمع الناس أن وابن عمر ، أولى بكم من أن تقولوا اجتمع الناس على أن لا سجود في المفصل فإن قلتم لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول اجتمعوا فقد قلتم اجتمعوا ولم ترووا عن أحد من الأئمة قولكم ولا أدري من الناس عندكم أخلقا كانوا فما اسم واحد منهم وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل في المفصل سجودا المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم ، ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه أخبرنا كذا كذا ولا تدعوا الإجماع .
[ ص: 163 ] فدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد يتثبت على علم أقبح من هذا .
( قلت ) أفرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل للشافعي المدينة وإن كانوا مختلفين ؟ فقال أرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من يخالفكم قول من أخذت بقوله اجتمع الناس أيكون صادقا ؟ فإن كان صادقا وكان الشافعي بالمدينة قول ثالث يخالفكما اجتمع الناس على قوله فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف بالمدينة . فلا يقال إجماع إلا لما لا خلاف فيه
قلت هذا هو الصدق المحض فلا تفارقه ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف وهو لا يوجد بالمدينة إلا ويوجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا فيما اختلف فيه أهل المدينة بينهم .
( وقال لي ) واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك لا على ما سواه إذا أردت أن تقول أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فقله وإن كانوا اختلفوا فلا تقله فإن الصدق في غيره . الشافعي
( وترجم مرة أخرى في سجود القرآن ) وفيها سألت عن الشافعي فقال : فيها سجدتان فقلت : وما الحجة في ذلك فقال : أخبرنا السجود في سورة الحج عن مالك أن رجلا من أهل نافع مصر أخبره أن سجد في سورة الحج سجدتين ، ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين . عمر بن الخطاب
( قال ) : أخبرنا الشافعي إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة ابن صفية أن صلى بهم عمر بن الخطاب بالجابية فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين .
( قال ) : أخبرنا الشافعي عن مالك عن نافع أنه سجد في سورة الحج سجدتين فقلت ابن عمر فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة فقال للشافعي فقد خالفتم ما رويتم عن الشافعي عمر بن الخطاب معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عامة فكيف تتخذون قول وعبد الله بن عمر وحده حجة وقول ابن عمر حجة وحده حتى تردوا بكل واحد منهما السنة ، وتبتنون عليها عددا من الفقه ، ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمونه مستدركا على أحد قولا العورة فيه أبين منها فيما وصفنا من أقاويلكم . عمر