الجمل الصئول أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا قال حكى الشافعي محمد بن الحسن قال قال أهل المدينة إذا فلا ضمان عليه وإن لم يكن بينة إلا قوله ضمن وقال صال الجمل على الرجل أقام بينة بصياله عليه وأنه ضربه عند صياله فقتله أو عقره يضمن في الحالين لأنه لا جناية لبهيمة تحل دمها ولا جرحها . وقال أبو حنيفة وغيره ممن يقول قوله فيه قولا قد جمعته وحكيت ما حضرني فيه وكله قالاه لي أو أحدهما وقلته لهما فقال ما تقول فيما اختلف فيه ؟ قلت أقول بما حكيت عن أصحابنا أنهم قالوه قال فما حجتك فيه ؟ قلت إن الله عز وجل منع دماء المسلمين إلا بحقها وإن المسلمين لم يختلفوا فيما علمت أو من علمت قوله منهم في أن مسلما لو محمد بن الحسن لأمنع حرمتي التي حرم الله تعالى عليه انتهاكها فإن أتى الضرب على نفسه فلا عقل علي ولا قود ولا كفارة لأني فعلت فعلا مباحا لي فلما كان هذا في المسلم هكذا كان البعير أقل حرمة وأصغر قدرا وأولى أن يجوز هذا فيه قال إن البعير لا يقتل إن قتل والمسلم إن قتل قتل قلت ما خالفتك في هذا فأين زعمت أنهما يجتمعان فيه ؟ . أرادني في الموضع الذي لا يمنعني منه باب أغلقه ولا قوة لي بمنعه ولا مهرب أمتنع به منه وكانت منعتي منه التي أدفع عني إرادته لي إنما بضربه بسلاح فحضرني سيف أو غيره كان لي ضربه بالسيف
وإنما جمعت بينهما حيث اجتمعا وفرقت بينهما حيث افترقا وإنما قلت المسلم في الحال التي وصفت أراد فيها الجناية فقال ما قتلته إلا بجناية ولولا الجناية ما حل لك دمه قلت فهل تكون الإرادة جناية ؟ قال نعم قلت فما تقول فيما لو ؟ قال لا قلت ولو كان بحيث ينالني فظفرت بسلاحه حتى صار غير قادر علي أيحل لي قتله ؟ قال لا قلت ولو أرادني فحال بيني وبينه نهر أو خندق أو انكسرت رجله أو يده أو حبسه حابس وهو يريدني إلا أنه لم ينلني حيث هو بيد ولا بسلاح أكان يحل لي قتله قال لا ، قلت ولو جرحته جرحا يمنعه من قتلي وهو يريدني أكان يحل لي قتله ؟ قال لا قلت وأسمعك مزيدا إلى [ ص: 192 ] حالات تزعم أن دمه فيها كلها محرم فلو كنت إنما أبحت دمه بالإرادة فقط انبغى أن تبيح دمه في هذه الحالات كلها . قال فبأي شيء أبحت دمه ؟ قلت يمنع الله تعالى ما حرم الله تعالى أن ينتهك مني فلما لم أجد مانعا لدمي إلا ضربه ضربته فإذا صار إلى الحال التي لا يقدر فيها على قتلي فدمه محرم لأنه لم يفعل فعلا يحل دمه إنما فعل فعلا يحل منعه لا دمه فإن كان في منعه حتفه فهو أحله بنفسه وإن لم يكن فيه حتفه لم يحل لي قتله بعد أماني من أن يقتلني . أرادني ولم يكن في يده ما يقتلني به كان يحل لي قتله
وكذلك في الحالات التي وصفت لك قبل أن أضربه فلو صار إلى حال امتنع فيها منه بغير ضربه لم يحل لي ضربه . وكذلك الجمل إذا لم أقدر على دفعه إلا بما دفعت به المسلم من الضرب ضربته وإن أتت الضربة على نفسه وإن صار إلى الحال التي آمنه فيها على نفسي لم يحل لي ضربه ولو ضربته فقتلته غرمت ثمنه فلم أبحها بجناية إنما الجناية الفعل لا الإرادة ولكن أبحتها لمنع حرمتي ، وكذلك المجنون ، وكذلك الصبي والله أعلم .