( قال ) رضي الله عنه : وإذا الشافعي مصر بشهادة فعدلا بمكة وكتب قاضي مكة إلى قاضي مصر فسأل المشهود عليه قاضي مصر أن يأتيه بشهود على جرحهما فإن كان جرحهما بعداوة ، أو ظنة ، أو ما ترد به شهادة العدل قبل ذلك منه وردهما عنه وإن جرحهما بسوء حال في أنفسهما نظر إلى المدة التي قد زايلا فيها مصر وصارا بها إلى شهد الرجلان من أهل مكة فإن كانت مدة تتغير الحال في مثلها التغير الذي لو كانا بمصرهما مجروحين فتغيرا إليها قبلت شهادتهما قبل القاضي شهادتهما ولم يلتفت إلى الجرح ; لأن الجرح متقدم ، وقد حدثت لهما حال بعد الجرح صارا بها غير مجروحين وإن لم تكن أتت عليهما مدة تقبل فيها شهادتهما إذا تغيرا قبل عليهما الجرح ، وكان أهل بلدهما أعلم بهما ممن عدلهما غريبا ، أو من أهل بلدهما ; لأن الجرح أولى من التعديل ( قال ) رحمه الله : قال الله عز وجل { الشافعي وأشهدوا ذوي عدل منكم } وقال { ممن ترضون من الشهداء } ( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا ) قال أخبرنا الشافعي مسلم بن خالد عن ابن أبي نجيح عن أنه قال عدلان حران مسلمان ، ثم لم أعلم من أهل العلم مخالفا في أن هذا معنى الآية ، وإذا لم يختلفوا فقد زعموا أن الشهادة لا تتم إلا بأربع أن يكون الشاهدان حرين مسلمين عدلين بالغين وأن عبدا لو كان مسلما عدلا لم تجز شهادته بأنه ناقص الحرية وهي أحد الشروط الأربعة فإذا زعموا هذا فنقص الإسلام أولى أن لا تجوز معه الشهادة من نقص الحرية فإن زعموا أن هذه الآية التي جمعت هذه الأربع الخصال حتم أن لا يجوز من الشهود إلا من كانت فيه هذه الخصال الأربعة المجتمعة فقد خالفوا ما زعموا من معنى كتاب الله حين أجازوا شهادة كافر بحال وإن زعموا أنها دلالة وأنها غير مانعة أن يجوز غير من جمع هذه الشروط الأربعة فقد ظلموا من أجاز شهادة العبيد ، وقد سألتهم فكان أعلى من زعموا أنه أجاز شهادة مجاهد أهل الذمة بعضهم على بعض .
، وقد أجاز شريح شريح فقال له المشهود عليه أتجيز علي شهادة عبد ؟ فقال قم فكلكم سواء عبيد وإماء فإن زعم أنه يخالف شهادة العبيد لقول أهل التفسير أن في الآية شرط الحرية فليس في الآية بعينها بيان الحرية وهي محتملة لها وفي الآية [ ص: 134 ] بيان شرط الإسلام فلم وافق شريحا مرة وخالفه أخرى ، وقد كتبنا هذا في كتاب الأقضية ولا تجوز شهادة ذكر ولا أنثى في شيء من الدنيا لأحد ولا على أحد حتى يكون بالغا عاقلا حرا مسلما عدلا ولا تجوز شهادة ذمي ولا من خالف ما وصفنا بوجه من الوجوه شريحا