ذكر البيان بأن المرء جائز له أن يؤدب امرأته
بهجرانها مدة معلومة
4187 - أخبرنا قال : حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال : حدثنا حرملة بن يحيى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، ، عن يونس عن ابن شهاب ، عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ، عن قال : ابن عباس عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، اللتين قال الله لهما : عمر بن الخطاب إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما حتى حج ، فحججت معه ، فعدل ، وعدلت معه بإداوة فتبرز ، ثم جاء ، فسكبت على يديه من الإداوة فتوضأ ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال لهما الله : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ؟ فقال : واعجبا منك يا عمر ، هي ابن عباس حفصة ، وعائشة ، ثم استقبل الحديث ، فقال : عمر
إني كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد ، وهو من عوالي المدينة ، وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 493 ] ينزل يوما ، وأنزل يوما ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك ، وكنا معاشر قريش نغلب النساء ، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يأخذن من نساء الأنصار ، فصخبت علي امرأتي ، فراجعتني ، فأنكرت أن تراجعني ، قالت : ولم تنكر أن أراجعك ، فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه ، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل ، فأفزعني ذلك ، فقلت : خاب من فعل ذلك منهن ، ثم جمعت علي ثيابي ، فنزلت ، فدخلت على حفصة بنت عمر ، فقلت لها : يا حفصة ، أتغضب إحداكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهجره اليوم حتى الليل ؟ قالت : نعم ، قلت : قد خبت وخسرت ، أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله صلى الله عليه وسلم فتهلكين ؟ لا تستنكري رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تراجعيه ولا تهجريه ، وسليني ما بدا لك ، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أضوأ وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة -
قال : وقد تحدثنا أن عمر غسان تنعل الخيل لتغزونا ، فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته ، فرجع إلي عشيا ، فضرب بابي ضربا شديدا ، ففزعت ، فخرجت إليه ، فقال : قد حدث أمر عظيم ، قلت : ما هو ؟ أجاءت غسان ؟ قال : لا ، بل أعظم وأطول ، طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ، قال : قلت : خابت عمر حفصة وخسرت ، قد كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون .
قال : فجمعت علي ثيابي فصليت صلاة الفجر مع [ ص: 494 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مشربة له اعتزل فيها ، قال : ودخلت على حفصة فإذا هي تبكي ، قلت : وما يبكيك ؟ ألم أكن أحذرك هذا ، أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : لا أدري ، ها هو ذا معتزل في هذه المشربة ، فخرجت فجئت المنبر ، فإذا حوله رهط يبكون ، فجلست معهم قليلا ثم غلبني ما أجد ، فجئت المشربة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لغلام أسود : استأذن ، قال : فدخل الغلام فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم خرج إلي فقال : قد ذكرتك له فصمت ، فانصرفت حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر ، ثم غلبني ما أجد ، فجئت فقلت للغلام : استأذن لعمر ، فدخل ثم رجع ، قال : قد ذكرتك له فصمت ، فلما أن وليت منصرفا إذا الغلام يدعوني يقول : قد أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم . لعمر
قال : فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو مضطجع على رمال حصير قد أثر بجنبه ، متكئ على وسادة من أدم حشوها ليف ، فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قلت وأنا قائم : يا رسول الله ، أطلقت نساءك ؟ فرفع بصره إلى السماء وقال : لا ، فقلت : الله أكبر ، يا رسول الله ، لو رأيتني وكنا معاشر قريش نغلب نساءنا ، فلما أن قدمنا المدينة قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم ، فصخبت علي امرأتي ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت ذلك عليها ، فقالت : أتنكر أن أراجعك ، والله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم حتى الليل ، [ ص: 495 ] قال : قلت : قد خابت حفصة وخسرت ، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هي قد هلكت ، قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قلت : يا رسول الله ، لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت : لا يغرنك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أريد عائشة ، قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسما آخر ، قال : فجلست حين رأيته تبسم ، قال : فرجعت بصري في بيته ، فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاثة ، فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يوسع على أمتك ؛ فإن فارس والروم قد وسع عليهم ، وأعطوا الدنيا ، وهم لا يعبدون الله .
قال : فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا ، ثم قال : أفي شك أنت يا ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ، قال : فقلت : أستغفر الله يا رسول الله ، فاعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه من أجل ذلك الحديث ، وكان قال : ما أنا بداخل عليهن شهرا ، من شدة موجدته عليهن ، حتى عاتبه الله ، فلما مضت تسع وعشرون ليلة ، دخل على ابن الخطاب عائشة فبدأ بها ، فقالت له عائشة : يا رسول الله ، إنك قد أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا ، وإنا أصبحنا في تسع وعشرين ليلة عدها ، فقال : الشهر تسع وعشرون ليلة ، وكان الشهر تسعا وعشرين ليلة لم أزل حريصا على أن أسأل .