( ولا ) عند الأئمة الأربعة وغيرهم لأن الإجماع لا يكون إلا من المجتهدين ، والمجتهد لا يقول في الدين بغير دليل . إجماع ( عن غير دليل )
فإن القول بغير دليل خطأ . وأيضا فكان يقتضي إثبات شرع مستأنف بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو باطل ; ولأنه محال عادة ، فكالواحد من الأمة .
والدليل : إما الكتاب ، كإجماعهم على حد الزنا والسرقة وغيرهما ، وإما السنة .
فكإجماعهم على توريث كل من الجدات السدس ونحوه . ويأتي القياس .
وخالف بعض المتكلمين في ذلك فقال : يجوز أن يحصل بالبحث والمصادفة .
والمعنى : أن الإجماع قد يكون عن توفيق من الله تعالى من غير مستند . وأجابوا عما سبق بأن الخطأ إنما هو في الواحد من الأمة . أما في جميع الأمة فلا . ورد ذلك بأن الخطأ إذا اجتمع لا ينقلب صوابا ; لأن الصواب في قول الكل إنما هو مراعاة عدم الخطإ من كل فرد . قال المخالف : لو كان الإجماع عن دليل كان الدليل هو الحجة فلا فائدة فيه . ورد بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم حجة في نفسه . وهو عن دليل هو الوحي ، ثم فائدته : سقوط البحث عنا عن دليله . وحرمة الخلاف الجائز قبله . وبأنه يوجب عدم انعقاده عن دليل ( ويجوز ) كون ، ووقع ) عن اجتهاد وقياس ( وتحرم مخالفته ) أي مخالفة الإجماع الواقع عن اجتهاد أو قياس عند الأئمة الأربعة وغيرهم . وخالف الإجماع ( عن اجتهاد وقياس ، ابن حزم والظاهرية والشيعة في الجواز ، وقوم في القياس الخفي ، وقوم في الوقوع . أما وقوع الإجماع بالقياس : فإنهم قالوا في نحو : يراق قياسا على السمن . وقالوا : بتحريم الشيرج تقع فيه الفأرة فتموت قياسا على لحمه المنصوص عليه ، [ ص: 238 ] وأجمعت الصحابة على خلافة شحم الخنزير أبي بكر رضي الله عنه ، وقتال مانعي الزكاة . والأصل عدم النص ثم لو كان نص لظهر واحتج به ( وفي قول ) ابن حامد وجمع ( يكفر منكر حكم ) إجماع ( قطعي ) وفي قول القاضي وجمع : لا ، ويفسق ، وأبي الخطاب والطوفي والآمدي ومن تبعهما : يكفر بنحو العبادات الخمس . قال ابن مفلح : واختاره بعض أصحابنا ، مع أنه حكي الأول عن أكثر العلماء ، ولا أظن أحدا لا يكفر من جحد هذا .
انتهى . والحق أن منكر المجمع عليه الضروري والمشهور والمنصوص عليه كافر قطعا . وكذا المشهور فقط لا الخفي . قال في شرح التحرير : في الأصح فيهما .
ومثال الخفي : إنكار استحقاق بنت الابن السدس مع البنت ، وتحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها ، وإفساد الحج بالوطء قبل الوقوف بعرفة ونحو ذلك . فهذا لا يكفر منكره لعذر الخفاء ، خلافا لبعض الفقهاء في قوله : إنه يكفر ، لتكذيبه الأمة . ورد بأنه لم يكذبهم صريحا إذا فرض أنه مما يخفى على مثله .