( و ) ( ، لا ) يستحيل كونه واجبا وحراما ( ولا تصح ولا يسقط الطلب بها ) أي الفعل الواحد بالشخص ( من جهتين ، كصلاة في مغصوب ) . وإلى هذا ذهب الإمام بالصلاة في المغصوبة من بقعة أو سترة رضي الله عنه وأكثر أصحابه أحمد والظاهرية والزيدية والجبائية . وقاله أبو شمر الحنفي . وحكاه عن الماوردي أصبغ المالكي . وهو رواية عن . ووجه لأصحاب مالك ( و ) كذا ( لا ) يسقط الطلب ( عندها ) أي عند فعلها . الشافعي
وقال القاضي ، أبو بكر الباقلاني والفخر الرازي : يسقط الطلب عندها لا بها . قال في المحصول : لأن السلف أجمعوا على أن الظلمة لا يؤمرون بقضاء الصلاة المؤداة في الدار المغصوبة ، ولا طريق إلى التوفيق بينهما إلا بما ذكرنا . قال : وهو مذهب . قال القاضي أبي بكر الصفي الهندي : الصحيح أن القاضي إنما يقول بذلك لو ثبت القول بصحة الإجماع على سقوط القضاء . فإذا لم يثبت ذلك فلا نقول بسقوط الطلب بها ولا عندها . انتهى . وقد منع الإجماع [ ص: 123 ] أبو المعالي وابن السمعاني وغيرهما .
وقد رد الطوفي ما قاله ، فقال : لأنه لما قام الدليل عند الباقلاني على عدم الصحة ، ثم ألزمه الخصم بإجماع الباقلاني السلف على أنهم لم يأمروا الظلمة بإعادة الصلوات ، مع كثرة وقوعها منهم في أماكن الغصب ، فأشكل عليه ، فحاول الخلاص بهذا التوسط ، فقال : يسقط الفرض عند هذه الصلاة للإجماع المذكور لا بها . لقيام الدليل على عدم صحتها ، ثم قال : وأحسب أن هؤلاء الذين ادعوا الإجماع بنوه على مقدمتين . إحداهما : أن مع كثرة الظلمة في تلك الأعصار عادة لا تخلو عن إيقاع الصلاة في مكان غصب من بعضهم .
الثانية : أن السلف يمتنع عادة تواطؤهم على ترك الإنكار ، والأمر بالإعادة من بناء هؤلاء على ما ظنوه من دليل البطلان ، وإلا فلا إجماع في ذلك منقول ، تواترا ولا آحادا . والمقدمتان المذكورتان في غاية الضعف والوهن . انتهى .
قال ابن قاضي الجبل : قال : لو لم تصح لما سقط التكليف . الباقلاني
وقد سقط بالإجماع ، لأنهم لم يؤمروا بقضاء الصلوات ، قيل : لا إجماع في ذلك لعدم ذكره ونقله . كيف ؟ وقد خالف الإمام ومن معه ، وهو إمام النقل ، وأعلم بأحوال أحمد السلف ؟ ولأنه ينقض الإجماع بدونه وقال أيضا : قول " يسقط الفرض عندها لا بها " باطل لأن مسقطات الفرض محصورة ، من نسخ أو عجز أو فعل غيره . كالكفاية ، وليس هذا منها . انتهى . الباقلاني
وعند رواية أخرى : أن فعل الصلاة يحرم ، وتصح ، وهو قول أحمد مالك رضي الله عنهما واختاره من أصحابنا والشافعي الخلال وابن عقيل والطوفي ، نظرا إلى جنسها لا إلى عين محل النزاع فتكون هذه الصلاة واجبة حراما باعتبارين ، فتكون صحيحة ، لأن متعلق الطلب ومتعلق النهي في ذلك متغايران ، فكانا كاختلاف المحلين ، لأن كل واحدة من الجهتين مستقلة عن الأخرى ، واجتماعهما إنما هو باختيار المكلف . فليسا متلازمين فلا تناقض .
وعلى القول بالصحة لا ثواب فيها . نقل ابن القاسم عن : لا أجر لمن أحمد . وصرح بعدم الثواب في الصلاة غزا على فرس غصب القاضي أبو يعلى في التمهيد وجمع . ذكره في الفروع في باب ستر العورة ، وقاله وأبو الخطاب الشيخ تقي الدين وغيره : في حج ، وقدمه التاج السبكي . وعن [ ص: 124 ] الإمام رضي الله تعالى عنه رواية ثالثة : أن المصلي إن علم التحريم لم تصح ، وإلا صحت . ووجه المذهب - وهو عدم الصحة مطلقا - أنه متى أخل مرتكب النهي بشرط العبادة أفسدها ، ونية التقرب بالصلاة شرط ، والتقرب بالمعصية محال . وأيضا من شرط الصلاة : الطاعة ونيته بها أداء الواجب ، وحركته معصية ، ونية أداء الواجب بما يعلمه غير واجب محال . وأيضا من شرط الصلاة : إباحة الموضع ، وهو محرم . فهو كالنجس . ولأن الأمر بالصلاة لم يتناول هذه المنهي عنها ، فلا يجوز كونها واجبة من جهة أخرى . أحمد