. [ خطر تولي القضاء    ] 
ولهذا جاء في القاضي من الوعيد والتخويف ما لم يأت نظيره في المفتي ، كما رواه  أبو داود الطيالسي  من حديث  عائشة  رضي الله عنها أنها ذكر عندها القضاة فقالت : سمعت  [ ص: 30 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط   } وروى الشعبي  عن  مسروق  عن عبد الله  يرفعه : { ما من حاكم يحكم بين الناس إلا وكل به ملك آخذ بقفاه حتى يقف به على شفير جهنم ، فيرفع رأسه إلى الله فإن أمره أن يقذفه قذفه في مهوى أربعين خريفا   } وفي السنن من حديث ابن بريدة  عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { القضاة ثلاثة ، اثنان في النار وواحد في الجنة : رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة ، ورجل قضى بين الناس بالجهل فهو في النار ، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار   } . 
وقال  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه : ويل لديان من في الأرض من ديان من في السماء ، يوم يلقونه ، إلا من أمر بالعدل ، وقضى بالحق ، ولم يقض على هوى ، ولا على قرابة ، ولا على رغب ولا رهب ، وجعل كتاب الله مرآة بين عينيه وفي سنن أبي داود  من حديث  أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ، ومن غلب جوره عدله فله النار   } وفي سنن  البيهقي  من حديث  ابن جريج  عن  عطاء  عن  ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الله مع القاضي ما لم يجر ، فإذا جار برئ الله منه ولزمه الشيطان   } وفيه من حديث  حسين المعلم  عن  الشيباني  عن ابن أبي أوفى  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله مع القاضي ما لم يجر ، فإذا جار وكله إلى نفسه   } . 
وفي السنن الأربعة من حديث  أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم : { من قعد قاضيا بين المسلمين فقد ذبح نفسه بغير سكين   } وفي سنن  البيهقي  من حديث  أبي حازم  عن  أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ويل للأمراء ، وويل للعرفاء ، وويل للأمناء ، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن نواصيهم كانت معلقة بالثريا يتجلجلون بين السماء والأرض ، وأنهم لم يلوا عملا   } . 
[ الوعيد على الإفتاء    ] 
وأما المفتي ففي سنن أبي داود  من حديث مسلم بن يسار  قال : سمعت  أبا هريرة  يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من قال علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا في جهنم ، ومن أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه ومن أشار على أخيه بأمر يعلم الرشد في غيره فقد خانه   } فكل خطر على المفتي فهو على القاضي ، وعليه من زيادة الخطر ما يختص به ، ولكن خطر المفتي أعظم من جهة أخرى ; فإن فتواه شريعة عامة تتعلق بالمستفتي وغيره وأما الحاكم فحكمه جزئي خاص لا يتعدى إلى غير المحكوم عليه وله ; فالمفتي يفتي حكما عاما كليا أن من فعل كذا ترتب عليه كذا ، ومن قال كذا لزمه كذا ، والقاضي  [ ص: 31 ] يقضي قضاء معينا على شخص معين ، فقضاؤه خاص ملزم ، وفتوى العالم عامة غير ملزمة ، فكلاهما أجره عظيم ، وخطره كبير 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					