المثال الحادي عشر : 
ردوا محكم قوله { ألا له الخلق والأمر    } وقوله { ولكن حق القول مني    } وقوله { قل نزله روح القدس من ربك بالحق    } وقوله : { وكلم الله موسى تكليما    } وقوله { اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي    } } وغيرها من النصوص المحكمة بالمتشابه  ( الجهمية    )   من قوله : { خالق كل شيء    } : وقوله { إنه لقول رسول كريم    } والآيتان حجة عليهم ; فإن صفات الله جل جلاله داخلة في مسمى اسمه ; فليس " الله " اسما لذات لا سمع لها ولا بصر لها ولا حياة لها ولا كلام لها ولا علم ، وليس هذا رب العالمين ، وكلامه تعالى وعلمه وحياته وقدرته ومشيئته ورحمته داخلة في مسمى اسمه ; فهو سبحانه بصفاته وكلامه الخالق ، وكل ما سواه مخلوق ، وأما إضافة القرآن إلى الرسول فإضافة تبليغ محض ، لا إنشاء . 
والرسالة تستلزم تبليغ كلام المرسل ، ولو لم يكن للمرسل كلام يبلغه الرسول لم يكن رسولا ; ولهذا قال غير واحد من السلف ; من أنكر أن يكون الله متكلما  فقد أنكر رسالة رسله فإن حقيقة رسالتهم تبليغ كلام من أرسلهم ; فالجهمية  وإخوانهم ردوا تلك النصوص المحكمة بالمتشابه ، ثم صيروا الكل متشابها ، ثم ردوا الجميع ، فلم يثبتوا لله فعلا  [ ص: 215 ] يقوم به يكون به فاعلا كما لم يثبتوا له كلاما يقوم به يكون به متكلما ; فلا كلام له عندهم ولا أفعال ، بل كلامه وفعله عندهم مخلوق منفصل عنه ، وذلك لا يكون صفة له ; لأنه سبحانه إنما يوصف بما قام به لا بما لم يقم به . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					