[ ص: 292 ] تخليل الخمر ] 
المثال السادس والستون : رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في المنع من تخليل الخمر  ، كما في صحيح  مسلم  عن  أنس    : { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلا ، قال : لا   } وفي المسند وغيره من حديث  أنس  قال : { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي حجره يتيم ، وكان عنده خمر حين حرمت الخمر ، فقال : يا رسول الله أصنعها خلا ؟ قال : لا ، فصبها حتى سال الوادي   } وقال  أحمد    : ثنا  وكيع  ثنا سفيان  عن السدي  عن  أبي هريرة  عن  أنس    : { أن  أبا طلحة  سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا ، فقال : أهرقها ، فقال : أفلا نجعلها خلا ؟ قال : لا   } وروى  الحاكم   والبيهقي  من حديث  أنس  أيضا قال : { كان في حجر  أبي طلحة  يتامى ، فاشترى لهم خمرا ، فلما أنزل الله تحريم الخمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فقال : أأجعله خلا ؟ قال : فأهرقه   } وفي الباب عن  أبي الزبير  عن  جابر  ، وصح ذلك عن  عمر بن الخطاب  ، ولا يعلم لهم في الصحابة مخالف ، فردت بحديث مجمل لا يثبت ، وهو ما رواه الفرج بن فضالة  عن يحيى بن سعيد  عن عمرة  عن  أم سلمة    { أنها كانت لها شاة تحلبها ، ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما فعلت بشاتك ؟ فقلت : ماتت ، قال : أفلا انتفعتم بإهابها ، قلت : إنها ميتة ، قال : فإن دباغها يحل كما يحل الخل الخمر   } . 
قال  الحاكم    : تفرد به الفرج بن فضالة  عن يحيى  ، والفرج  ممن لا يحتج بحديثه ، ولم يصح تحليل خل الخمر من وجه ، وقد فسر رواية الفرج  فقال : يعني أن الخمر إذا تغيرت فصارت خلا حلت ; فعلى هذا التفسير الذي فسره راوي الحديث يرتفع الخلاف . وقد قال  الدارقطني    : كان  عبد الرحمن بن مهدي  لا يحدث عن فرج بن فضالة  ، ويقول : حدث عن  يحيى بن سعيد الأنصاري  أحاديث مقلوبة منكرة ، وقال  البخاري    : الفرج بن فضالة  منكر الحديث 
. وردت بحديث واه من رواية مغيرة بن زياد  عن  أبي الزبير  عن  جابر  يرفعه : { خير خلكم خل خمركم   } ومغيرة  هذا يقال له أبو هشام المكفوف  صاحب مناكير عندهم ، ويقال : إنه حدث عن  عطاء بن أبي رباح   وأبي الزبير  بجملة من المناكير ، وقد حدث عن  عبادة بن نسي  بحديث غريب موضوع ، فكيف يعارض بمثل هذه الرواية الأحاديث الصحيحة المحفوظة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن تخليل الخمر ؟ ولم يزل أهل مدينة رسول الله  صلى الله عليه وسلم ينكرون ذلك . 
قال  الحاكم    : سمعت أبا الحسن علي بن عيسى الحيري  يقول : سمعت  محمد بن إسحاق  يقول : سمعت  قتيبة بن سعيد  يقول : قدمت المدينة  أيام  مالك  ، فتقدمت إلى قاض فقلت : عندك خل خمر ؟ فقال : سبحان الله ، في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ثم قدمت بعد موت  مالك  ، فذكرت ذلك لهم ، فلم ينكر علي . وأما ما روي عن  علي  من اصطباغه بخل  [ ص: 293 ] الخمر ، وعن عائشة  أنه لا بأس به ; فهو خل الخمر الذي تخللت بنفسها لا باتخاذها 
				
						
						
