فصل
[ ] صدقة الفطر لا تتعين في أنواع
المثال الرابع : { } وهذه كانت غالب أقواتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط بالمدينة ، فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم ، كمن قوتهم الذرة والأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب ، فإن أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان ، هذا قول جمهور العلماء ، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره ; إذ المقصود سد خلة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم ، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث ، كان قوتهم من غير الحبوب كاللبن واللحم والسمك فإنه وإن كان أنفع للمساكين لقلة المؤنة والكلفة فيه فقد يكون الحب أنفع لهم لطول بقائه وأنه يتأتى منه ما لا يتأتى من الخبز والطعام ، ولا سيما إذا كثر الخبز والطعام عند المسكين فإنه يفسد ولا يمكنه حفظه ، وقد يقال : لا اعتبار بهذا ، فإن المقصود إغناؤهم في ذلك اليوم العظيم عن التعرض للسؤال ، كما قال النبي : { وأما إخراج الخبز والطعام } وإنما نص على تلك الأنواع المخرجة لأن القوم لم يكونوا يعتادون اتخاذ الأطعمة يوم العيد ، بل كان قوتهم يوم العيد كقوتهم سائر السنة ; ولهذا لما كان قوتهم يوم عيد النحر من لحوم الأضاحي [ ص: 19 ] أمروا أن يطعموا منها القانع والمعتر ; فإذا كان أهل بلد أو محلة عادتهم اتخاذ الأطعمة يوم العيد جاز لهم ، بل يشرع لهم أن يواسوا المساكين من أطعمتهم ، فهذا محتمل يسوغ القول به ، والله أعلم . أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة