[ ] : وأعجب من هذا أنه لو إبطال حيلة أخرى لإبطال الزكاة ، فالحيلة أن يدفعها إلى محتال مثله أو غيره في آخر الحول ويأخذ منه نظيرها فيستأنف له الحول ، ثم في آخره يعود فيستبدل بها مثلها ، فإذا هو فعل مثل ذلك لم تجب عليه زكاته ما عاش ، وأعظم من هذه البلية إضافة هذا المكر والخداع إلى الرسول ، وأن هذا من الدين الذي جاء به . كان عنده عين من الذهب والفضة فأراد إسقاط زكاتها في جميع عمره
ومثل هذا وأمثاله منع كثيرا من أهل الكتاب من الدخول في الإسلام ، وقالوا : كيف يأتي رسول بمثل هذه الحيل ؟ وأساءوا ظنهم به وبدينه ، وتواصوا بالتمسك بما هم عليه ، وظنوا أن هذا هو الشرع الذي جاء به ، وقالوا : كيف تأتي بهذا شريعة أو تقوم به مصلحة أو يكون من عند الله ؟ ولو أن ملكا من الملوك ساس رعيته بهذه السياسة لقدح ذلك في ملكه ، قالوا : وكيف يشرع الحكيم الشيء لما في شرعه من المصلحة ويحرم لما في فعله من المفسدة ثم يبيح إبطال ذلك بأدنى حيلة تكون ؟ وترى الواحد منهم إذا ناظره المسلم في صحة دين الإسلام إنما يحتج عليه بهذه الحيل ، كما هو في كتبهم وكما نسمعه من لفظهم عند المناظرة ، فالله المستعان .
وكذلك قالوا : لو فالحيلة في ذلك أن يعلفها يوما واحدا ثم تعود إلى السوم ، وكذلك يفعل في كل حول ، وهذه حيلة باطلة لا تسقط عنه وجوب الزكاة ، بل وكذلك كل حيلة يتحيل بها على إسقاط فرض من فرائض الله أو حق من حقوق عباده لا يزيد ذلك الفرض إلا تأكيدا وذلك الحق إلا إثباتا . كان له نصاب من السائمة فأراد إسقاط زكاتها