[ ] ضمان ما لا يجب
المثال الستون : يصح ضمان ما لا يجب كقوله : " ما أعطيت لفلان فهو علي " عند الأكثرين ، كما دل عليه القرآن في قول مؤذن يوسف : { ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } والمصلحة تقتضي ذلك ، بل قد تدعو إليه الحاجة أو الضرورة ، وعند لا يجوز ، وسلم جوازه إذا تبين سبب وجوبه كدرك المبيع . الشافعي
والحيلة في جوازه على هذا القول أنه إذا رضي بأن يلتزم عنه مقدارا له لم يجب عليه بعد أن يقر المضمون عنه به للدافع ثم يضمنه عنه الضامن ، فإن خشي المقر أن يطالبه المقر له بذلك ولا يدفعه إليه فالحيلة أن يقول : هو علي من ثمن مبيع لم أقبضه ، فإن تحرج من الإخبار بالكذب فالحيلة أن يبيعه ما يريد أخذه منه بالمبلغ الذي التزم الضامن أداءه ، فإذا صار في ذمته ضمنه عنه ، وهذا الحكم إذا فالصحيح في هذا كله جواز الضمان ، والحاجة تدعو إليه ، ولا محذور فيه ، وليس بعقد معاوضة فتؤثر فيه الجهالة ، وعقود الالتزام لا تؤثر فيها الجهالة كالنذر ، ثم يمكن رفع الجهالة بأن يحد له حدا فيقول : من درهم إلى كذا وكذا . زوج ابنه أو عبده أو أجيره وضمن للمرأة نفقتها وكسوتها
فإن قيل : ما بين الدرهم والغاية مجهول لا يدري كم يلزمه منه .
قيل : لا يقدح ذلك في جواز الالتزام ; لأنه يتبين في الآخر كم هو الواجب منه ، ثم لو أقر بذلك فقال : " له علي ما بين درهم إلى ألف " صح ; فهكذا إذا قال : " ضمنت عنه ما بين درهم إلى ألف " . [ ص: 299 ] فإن قيل : الضامن فرع على المضمون عنه ، فإذا كان الأصل لم يثبت في ذمته شيء فعلى أي شيء ينبني الضمان ويتفرع ؟ قيل : إنما يصير ضامنا إذا ثبت في ذمة المضمون عنه ، وإلا في الحال فليس هو ضامنا . وإن صح أن يقال : " هو ضامن بالقوة " ففي الحقيقة هو ضمان معلق على شرط ، وذلك جائز ، والله أعلم .