[ بحث في ] النكول ورد اليمين
والصحيح في هذه المسألة ما جاء عن الصحابة ; فإن باع عبد الله بن عمر عبدا بشرط البراءة بثمان مائة درهم ، فأصاب به زيد بن ثابت عيبا ، فأراد رده على زيد ، فلم يقبله ، فترافعا إلى ابن عمر ، فقال عثمان عثمان : تحلف أنك لم تعلم بهذا العيب ، فقال : لا ، فرده عليه ، فباعه لابن عمر بألف درهم ، ذكره الإمام ابن عمر وغيره ، وهذا اتفاق منهم على صحة البيع وجواز شرط البراءة ، واتفاق من أحمد عثمان على أن البائع إذا علم بالعيب لم ينفعه شرط البراءة ، وعلى أن المدعى عليه متى نكل عن اليمين قضي عليه بالنكول ، ولم ترد اليمين على المدعي ، لكن هذا فيما إذا كان المدعى عليه منفردا بمعرفة الحال ، فإذا لم يحلف مع كونه عالما بصورة الحال قضي عليه بالنكول ، وأما إذا كان المدعي هو المنفرد بالعلم بالحال أو كان مما لا يخفى عليه علمها ردت عليه اليمين ; فمثال الأول قضية وزيد هذه ، فإنه هو العالم بأنه هل كان يعلم العيب أو لا يعلمه ، بخلاف ابن عمر ، فإنه لا يعلم علم زيد بن ثابت بذلك ، ولا عدم علمه ، فلا يشرع رد اليمين عليه . ابن عمر
ومثال الثاني : إذا ، لم يقض عليه بالنكول ، وردت اليمين على المدعي ; لأنه منفرد بعلم ذلك ، فإذا لم يحلف لم يقض له . ومثال الثالث : إذا ادعى على وارث ميت أنه أقرض مورثه مائة درهم أو باعه سلعة ولم يقبضه [ ص: 306 ] ثمنها أو أودعه وديعة والوارث غائب لا يعلم ذلك ، وسأل إحلافه ، فنكل عن اليمين ، حلف المدعي وقضي له ، فإن لم يحلف لم يقض له بنكول المدعى عليه ; لأنه عالم بصحة ما ادعاه ، فإذا لم يحلف ولم يقم له بينة لم يكن مجرد نكول خصمه مصححا لدعواه . ادعى عليه أنه باعه أو أجره فنكل عن اليمين
فهذا التحقيق أحسن ما قيل في مسألة النكول ورد اليمين ، وعليه تدل آثار الصحابة ويزول عنها الاختلاف ، ويكون هذا في موضعه وهذا في موضعه .
وعرف جملا له فادعاه ، فنكل المدعى عليه ، وتوجهت اليمين على حذيفة ، فقال : أتراني أترك جملي ؟ فحلف بالله أنه ما باع ولا وهب . حذيفة