[ أبي حنيفة ] من لطائف حيل
المثال الخامس والثمانون : ما ذكر في مناقب رحمه الله تعالى أن رجلا أتاه بالليل فقال : أدركني قبل الفجر ، وإلا طلقت امرأتي ، فقال : وما ذاك ؟ أبي حنيفة ، فقال له : اذهب فمر مؤذن المسجد أن ينزل فيؤذن قبل الفجر ، فلعلها إذا سمعته أن تكلمك ، واذهب إليها وناشدها أن تكلمك قبل أن يؤذن المؤذن ، ففعل الرجل ، وجلس يناشدها ، وأذن المؤذن ، فقالت : قد طلع الفجر وتخلصت منك ، فقال : قد كلمتني قبل الفجر وتخلصت من اليمين ، وهذا من أحسن الحيل . قال : تركت الليلة كلامي ، فقلت لها : إن طلع الفجر ، ولم تكلميني فأنت طالق ثلاثا ، وقد توسلت إليها بكل أمر أن تكلمني فلم تفعل
[ ص: 14 ] حيلة أخرى له ]
المثال السادس والثمانون : قال : كان في جوار بشر بن الوليد فتى يغشى مجلسه ، فقال له يوما : إني أبي حنيفة ، فقال له : أعطهم ما طلبوا منك ، ففعل ، فلما عقد العقد جاء إليه فقال : قد طلبوا مني المهر ، فقال : احتل واقترض وأعطهم ففعل ، فلما دخل بأهله قال : إني أخاف المطالبين بالدين ، وليس عندي ما أوفيهم ، فقال : أظهر أنك تريد سفرا بعيدا ، وأنك تريد الخروج بأهلك ، ففعل ، واكترى جمالا ، فاشتد ذلك على المرأة ، وأوليائها ، فجاءوا إلى أريد التزوج بامرأة ، وقد طلبوا مني من المهر فوق طاقتي ، وقد تعلقت بالمرأة رحمه الله ، فسألوه ، فقال : له أن يذهب بأهله حيث شاء ، فقالوا : نحن نرضيه ونرد إليه ما أخذناه منه ، ولا يسافر ، فلما سمع الزوج طمع فقال : لا والله حتى يزيدوني ، فقال له : إن رضيت بهذا ، وإلا أقرت المرأة أن عليها دينا لرجل ، فلا يمكنك أن تخرجها حتى توفيه فقال : بالله لا يسمع أهل المرأة ذلك منك ، أنا أرضى بالذي أعطيتهم . أبي حنيفة