[ اقتضاء الدين وتواري المدين ]
المثال الثامن بعد المائة : . رجل يكون له الدين ، ويكون عليه الدين ، فيوكل وكيلا في اقتضاء ديونه ، ثم يتوارى عن غريمه ، فلا يمكنه اقتضاء دينه منه ، فأراد الغريم ممن له الدين [ ص: 33 ] على هذا الرجل حيلة يقتضي بها دينه منه ، ولا يضره تواري من عليه الدين
فالحيلة أن يأتي هذا الذي له الدين إلى من عليه الدين فيقول له : وكلتك بقبض مالي على فلان وبالخصومة فيه ، ووكلتك أن تجعل ماله عليك قصاصا بمالي عليه ، وأجزت أمرك في ذلك ، وما عملت فيه من شيء ، فيقبل الوكيل ، ويشهد على الوكالة على هذا الوجه شهودا ، ثم يشهدهم الوكيل أنه قد جعل الألف درهم التي لفلان عليه قصاصا بالألف التي لموكله على فلان ، فيصير الألف قصاصا ، ويتحول ما كان للرجل المتواري على هذا الوكيل للرجل الذي وكله .
وهذه الحيلة جائزة ; لأن الموكل أقام الوكيل مقام نفسه ، والوكيل يقول : مطالبتي لك بهذا الدين كمطالبة موكلي به ، فأنا أطالبك بألف ، وأنت تطالبني به ، فاجعل الألف الذي تطالبني به عوضا عن الألف الذي أطالبك به ، ولو كانت الألف لي لحصلت المقاصة ، إذ لا معنى لقبضك للألف مني أم أدائها إلي ، وهذا بعينه فيما إذا طالبتك بها لموكلي ; أنا أستحق عليك أن تدفع إلي الألف ، وأنت تستحق علي أن أدفع إليك ألفا ، فنتقاص في الألفين .