[ ص: 190 ] فصل [ لم يأمر النبي بالقياس بل نهى عنه ]
، بل قد صح عنه أنه أنكر على والرسول صلى الله عليه وسلم لم يدع أمته إلى القياس قط عمر وأسامة محض القياس في شأن الحلتين اللتين أرسل بهما إليهما فلبسها أسامة قياسا للبس على التملك والانتفاع والبيع وكسوتها لغيره ، وردها قياسا لتملكها على لبسها ، عمر فأسامة أباح ، حرم قياسا ، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم كل واحد من القياسين ، { وعمر : إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها لعمر } ، { وقال لأسامة إني لم أبعثها إليك لتلبسها ، ولكن بعثتها إليك لتشققها خمرا لنسائك } ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما تقدم إليهم في الحرير بالنص على تحريم لبسه فقط ، فقاسا قياسا أخطأ فيه ، فأحدهما قاس اللبس على الملك ، وقال قاس التملك على اللبس ، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن ما حرمه من اللبس لا يتعدى إلى غيره ، وما أباحه من التملك لا يتعدى إلى اللبس ، وهذا عين إبطال القياس . وعمر
وصح عنه ما رواه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو ثعلبة الخشني } ، وهذا الخطاب كما يعم أوله للصحابة ولمن بعدهم فهكذا آخره ; فلا يجوز أن نبحث عما سكت عنه ليحرمه أو يوجبه . ، إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها
وقال : ثنا عبد الله بن المبارك عن عيسى بن يونس جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عوف بن مالك الأشجعي } . قال تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة ، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيحلون الحرام ، ويحرمون الحلال : ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن إسماعيل الترمذي ثنا نعيم بن حماد عبد الله ، فذكره ، وهؤلاء كلهم أئمة ثقات حفاظ إلا جرير بن عثمان فإنه كان منحرفا عن ، ومع هذا فاحتج به علي في صحيحه ، وقد روى عنه أنه تبرأ مما نسب إليه من الانحراف عن البخاري ، علي إمام جليل ، وكان سيفا على ونعيم بن حماد الجهمية ، روى عنه في صحيحه . البخاري
وقد صح عنه صحة تقرب من التواتر أنه قال { } ، فتضمن هذا الحديث أن ما أمر به أمر إيجاب فهو واجب ، وما نهى عنه فهو [ ص: 191 ] حرام ، وما سكت عنه فهو عفو مباح فبطل ما سوى ذلك ، والقياس خارج عن هذه الوجوه الثلاثة ; فيكون باطلا ، والمقيس مسكوت عنه بلا ريب ; فيكون عفوا بلا ريب ، فإلحاقه بالمحرم تحريم لما عفا الله عنه . ، ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك الذين من قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ، ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم
، وفي قوله { } بيان جلي أن ما لا نص فيه فليس بحرام ولا واجب ، ودل الحديث على أن أوامره على الوجوب حتى يجيء ما يرفع ذلك ، أو يبين أن مراده الندب ، وأن ما لا نستطيعه فساقط عنا . ، ذروني ما تركتكم
وقد روى ابن المغلس ثنا ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ثنا أبو قلابة الرقاشي أبو الربيع الزهراني ثنا سيف بن هارون البرجمي عن سليمان التيمي عن عن أبي عثمان النهدي سلمان رضي الله عنه قال : { } ، وهذا إسناد جيد مرفوع ، والله المستعان ، وعليه التكلان . سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء ، فقال : الحلال ما أحل الله ، والحرام ما حرم الله وما سكت عنه فهو مما عفا عنه