[ ص: 338 ] فصل [ في المرسل من الحديث ] شرط صحة الإسناد  الاتصال فالمنقطع ليس بحجة قطعا وأما المرسل ، وهو ترك التابعي ذكر الواسطة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كقول  سعيد بن المسيب    : قال رسول الله . فلو سقط واحد قبل التابعي ، كقول الراوي عن  ابن المسيب    : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو منقطع ، وإن سقط أكثر سمي معضلا ، هذه طريقة جمهور المحدثين ، وعند الأصوليين : المرسل قول من لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم : قال رسول الله ، سواء التابعي أم تابع التابعي فمن بعده ، فتعبير الأصوليين أعم . قال  المازري    : وهو رواية التلميذ عن شيخ شيخه ، كقول  مالك    : قال  ابن عمر    ; لأنه لم يبلغه ، وإنما أخذ عن الآخذين عنه ، وهذا قد يقع من الراوي ، بأن يحذف ذكر من روى عنه تصريحا وتلويحا ، وقد يتعرض لذكره ذكرا لا يفيد ، فيسمى ذلك إرسالا أيضا ، كقولك : حدثني رجل عن فلان ، وكذا لو أضاف إليه العدالة ، كقولك : حدثني عدل ، وهذا يلتحق بالمرسلات على ما ذكره إمام الحرمين  ، وذكر إمام الحرمين  عن  [ ص: 339 ]  الأستاذ أبي بكر بن فورك  أنه سمى حذف الراوي شيخه منقطعا ، كقول التابعي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
وقول تابع التابعي : قال الصحابي ، وسمى ذكره على الإجمال مرسلا ، مثل قول التابعي : سمعت رجلا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وفي كلام  الشافعي  إشارة إلى هذا ، وليس فيه فرق معنوي ، وإنما هو اصطلاح . ونازعه  المازري  فيما نقله عن  ابن فورك  بأن الذي في كتابه أن المرسل قول التابعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا . انتهى . فذكر أن حقيقته ما حذف فيه اسم الراوي ، ولم يذكره لا معينا ولا مجملا ، لكن الإمام ثقة فيما ينقل ، فلعل  المازري  سقط من نسخته ذلك ، وقد وافقه ابن القشيري  على هذا النقل ولم ينكره . وقال أبو الحسين بن القطان    : المرسل رواية التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو يروي رجل عمن لم يره ، ولم يكن في زمانه . وقال الأستاذ أبو إسحاق  في " شرح الترتيب " : هو رواية التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أو تابع التابعي عن الصحابي ، فأما إذا قال تابع التابعي أو واحد منا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يفيد شيئا ، ولا يقع به ترجيح فضلا عن الاحتجاج ، وهو ظاهر كلام ابن برهان    . ا هـ . وقيل : المرسل : ما رفعه التابعي الكبير ، ومراسيل صغارهم تسمى منقطعة . حكاه  ابن عبد البر  عن قوم ، وقيل : ما سقط راو من إسناده فأكثر من أي موضع كان . فعلى هذا المرسل والمنقطع واحد . وقال ابن القطان    : روايته عمن لم يسمع منه ، فعلى هذا من روى عمن سمع منه ما لم يسمع منه ، بل بينه وبينه واسطة ليس بإرسال ، بل تدليس . 
 [ ص: 340 ] إذا علمت هذا فلا خلاف في جواز إرسال الحديث  ، كقول  مالك    : بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقول الواحد : قال  مالك  ، قال  الشافعي    . وإنما الخلاف ، إذا وقع هل يلزم قبوله والعمل به ؟ . 
				
						
						
