ثم اختلفوا في ، على مذاهب : الأشباه التي يغلب بها
أحدها : المعتبر المشابهة في الحكم فقط دون الصورة ، وحكاه الرازي عن والبيضاوي ، ولهذا ألحق العبد المقتول بسائر المملوكات في لزوم قيمته على القاتل ، بجامع أن كلا منهما يباع ويشترى . وحكاه الشافعي ابن السمعاني عن أصحابنا ، كوطء الشبهة مردود إلى النكاح في شرط الحد ، ووجوب المهر بشبهة ، بالوطء في النكاح في الأحكام .
والثاني : اعتبار المشابهة في الصورة ، كقياس الخيل على البغال والحمير وسقوط الزكاة بصورة شبه ، أو كقياس الخيل على البغال والحمير في حرمة اللحم لقول القائل : ذو حافر أهلي ، حكاه ابن السمعاني عن بعضهم معتلا بوجود الشبه قال : وإذا جاز تعليل الأصل بصفة من ذاته جاز تعليله بصفة [ ص: 302 ] من صفاته ، ولأن العلل أمارات ، فيجوز أن يكون الشبه في الصورة أمارة على الحكم ، كما يجوز أن يكون الشبه في المعنى أو في الحكم أمارة على الحكم . قال : وهذا ليس بصحيح ، إنما الصحيح أن مجرد الشبه في الصورة لا يجوز التعليل به ، لأن التعليل ما كان لها تأثير في الحكم وليس هو مما يفيد قوة في الظن حتى يوجب حكما . انتهى . وقال : ذهب قوم من أهل البدع إلى اعتبار المشابهة في الصورة ، وهو قول الأستاذ أبو منصور الأصم ، ولهذا زعم أن ترك الجلسة الأخيرة من الصلاة لا يضر ، كالجلسة الأولى . ولا يعتد بخلافه . وهذا ما نقله الإمام في البرهان عن وعن أبي حنيفة أيضا في إلحاقه الجلوس الأول بالثاني في الوجوب . واختار أحمد إلكيا اعتبار الشبه في الصورة إذا دل دليل على اعتباره ، كالمعتبر في جزاء الصيد قال : وهذا أضعف الأنواع إذ لا يعرف له نظير . قال : وأما الشبه في الحكم ، وهو دلالة الحكم على الحكم فقط ، كقول : العبد أشبه بالحر في القصاص والكفارة للحرمة ، وتحمل العقل مثله . فإن أوجب لاحترام المحل والشبه في المقصود ، كاعتبار خيار الشرط بخيار العيب إذا ثبت استواؤهما في المقصود ، وهو دفع الغبن فمعتبران . واعلم أن الشافعي اعتبر الشبه في مواضع الشافعي :
( منها ) إلحاق الهرة الوحشية بالإنسية على الصحيح ، دون الحمر الوحشية ، لاختلاف ألوان الوحشية كالأهلية ، بخلاف الحمر الوحشية فإنها ألوانها متحدة دون الحمر الأهلية فإن ألوانها مختلفة .
و ( منها ) حيوانات البحر : الصحيح حل أكلها مطلقا . وقيل : ما أكل شبهه من البر أكل شبهه من البحر ، فصاحب هذا الوجه اعتبر الشبه [ ص: 303 ] الصوري . وعلى هذا فقال البغوي وابن الصباغ وغيرهما : حمار البحر لا يؤكل ، فألحقوه بشبه الحمار الأهلي دون الوحشي . وفيه نظر ، فإنه لا نزاع في أن الأصل في حيوان البحر الحل ( ومنها ) جزاء الصيد كإيجاب البقرة الإنسية في الوحشية .
و ( منها ) إقراض الحيوان ، ففي رد بدله وجهان أشبههما بالحديث المثل ، والقياس القيمة .
و ( منها ) السلت ، وهو يشابه الحنطة في صورته الشعير بطبعه ، فهل يلحق بالحنطة أو الشعير أو هو جنس مستقل ؟ أوجه .
و ( منها ) إذا كان الربوي لا يكال ولا يوزن ، فيعتبر بأقرب الأشياء شبها به على أحد الأوجه ، وقس على هذا نظائره .
والثالث : اعتباره في الحكم ثم الأشباه الراجعة إلى الصورة
والرابع : اعتباره فيها على حد سواء . حكاه القاضي .
والخامس : اعتبار حصول المشابهة فيما غلب على الظن أنه مناط الحكم ، بأن يظن أنه مستلزم لعلة الحكم ، أو علة للحكم . فمتى كان كذلك صح القياس ، سواء كانت المشابهة في الصورة أو المعنى . وهو قول الإمام الرازي ، وحكاه القاضي في التقريب عن ابن سريج ( قال ) : وكان ينكر القياس على شبه لم يتعين كونه علة للحكم ، إما تعينا لا احتمال فيه ولا يسوغ لأحد خلافه ، أو تعينا ظاهرا وإن أمكن أن تكون العلة غيره قال : وكذلك كان يقول وأبطل القياس على غير علة ، وذكر أن أبو بكر الصيرفي قال بالحكم بغلبة الأشباه ، وزعم أن الأشباه تنظم الأصل والفرع وإن لم تكن أوصاف علة حكم الأصل فإنها علة حكم الفرع ، لأن ما زاد عليها في حكم المعدوم ، وشبه ذلك بغلبة الماء على المائع الطاهر أو النجس ، فجعل ما اختلط وغلب عليه في حكم المعدوم ، وهذا تصريح منه بأنه يحكم في الفرع بحكم الأصل لمشاركته فيما ليس بعلة للحكم [ ص: 304 ] في الأصل . وهو عجيب ، إذ كيف يجب رد الفرع على الأصل فيما ليس علة فيه . أبا بكر القفال
والسادس : أن لا يوجد شيء أشبه به منه ، وهو قول . القاضي أبي حامد المروزي