سادسها - إذا فرعنا على تقديم التعدية ، فتعارضت علتان متعديتان ، وفروع إحداهما أكثر من فروع الأخرى  ، يقدم ما مجال تعديه أكثر لكثرة الفائدة قاله  الأستاذ أبو منصور  ، وزيفه في المنخول " وقال ابن دقيق العيد    : فيه نظر وكلام إمام الحرمين  يقتضي أن لا ترجيح فيها ، ثم قال : ومن اعتقد أن كثرة الفروع تقتضي الترجيح ، فلو كثرت فروع علة وقلت فروع أخرى ، ولكن القليلة الفروع اعتضدت بنظائر تضاهي في عدتها فروع العلة الكثيرة كانت كثيرة النظائر في مقابلة كثيرة الفروع ثم مثلها بعلتي  الشافعي   وأبي حنيفة  في إيجاب الكفارة في الجماع ، فالعلة عند  الشافعي  وطء المرأة في قبلها ، وفروعه قليلة ، وهي الإتيان في الدبر ، وإتيان البهيمة ، لكن نظائره كثيرة فإن الشرع رتب الأحكام على الوطء ، كالإحلال والإحصان والحد وإفساد الحج وغير ذلك والعلة عند  أبي حنيفة  إفساد الصوم ، وفروعها كثيرة ، وهي الأكل والشرب وكل سبب يفسد به الصوم ، وأسباب فساد الصوم واسعة ثم تكلم الإمام  على هذا المثال بما يبطل اندراجه تحت القاعدة فقال : النظائر المذكورة لا اعتبار بها ألبتة ، وليست كالنظائر التي اعتد بها في الأشباه ، كضرب العقل القليل اعتبارا بضرب حصص الشركاء ، لأن ذلك في غير الحكم المطلوب ، وهذه الأحكام المرتبة على الوطء نائبة عن إيجاب  [ ص: 213 ] الكفارة لا يجمع بينها وبين الحكم المنظر إلا اسم الحكم ولقبه خاصة ، وهذا الذي قاله الإمام  صحيح ، فإنا لو اعتبرنا الاشتراك في عموم الحكم للزم أن يكون حكمه ملائما ، ولاستحال الغريب ثم حكي عن جماعة من أصحابنا أنه إذا كانت إحداهما أكثر فروعا ، والأخرى مطبقة على الأصل والفرع بلا تأويل ، والكثيرة الفروع تحتاج إلى تأويل في بعض مجاريها ، فهذا نقص من جريانها ، ويقدح في الترجيح بكثرة فروعها ، كاعتبارنا في القرابة المقتضية للنفقة ، والعتق بالتعصيب ، وهذا يجري في الأصول والفروع على انطباق واعتبر  أبو حنيفة  الرحم والمحرمية وفروع علته وإن كانت مركبة أكثر ، فإنما تتناول الأصل والفرع ، غير أن الرحم والمحرمية لا يجريان إلا على تأويل من الذكرين والأنثى ، وهو من ركيك الكلام . 
				
						
						
