مسألة [ الذي له مسمى شرعي هل هو مجمل  ؟ ] 
ما له مسمى شرعي كالصوم والصلاة ليس بمجمل عند الأكثرين ، بل اللفظ محمول على الشرعي ، لأنه عليه السلام بعث لبيان الشريعة لا اللغة ، ولأن الشرع طارئ على اللغة وناسخ لها ، فالحمل الناسخ المتأخر أولى ، ولهذا ضعفوا قول من حمل الوضوء من أكل لحم الجزور على النظافة بغسل اليد .  [ ص: 84 ] وثانيها : أنه مجمل ، ونقله  الأستاذ أبو منصور  عن أكثر أصحابنا ، وبه قال القاضي    . وقال الغزالي    : ولعله فرعه على مذهب من يثبت الأسامي الشرعية ، وإلا فهو منكر لها . 
وثالثها : وهو المختار عند الغزالي  ، التفصيل بين أن يرد مثبتا فيحمل على الشرعي ، كقوله : ( إني إذن صائم ) فيستفاد منه صحة نية النهار ، وإن ورد منفيا فمجمل لتردده بينهما كالنهي عن صيام يوم النحر ، وأيام التشريق ، فلا يستفاد منه صحة صومهما من جهة أن النهي عن الممتنع ممتنع . وهذا منه بناء على أصله أن النهي لا يقتضي الفساد ، ثم هو مع ذلك لا يقول بأنه يقتضي الصحة . 
ورابعها : لا إجمال أيضا ، والمراد في الإثبات الشرعي ، وفي النهي اللغوي ، واختاره الآمدي  لتعذر حمله على الشرعي ، لأن الشرعي يستلزم الصحة ، والنهي غير صحيح ، والصحيح الأول ، ولهذا اتفقوا على حمل قوله : { دعي الصلاة أيام أقرائك   } على المعنى الشرعي ، مع أنه في معنى النهي . 
تفريع : [ إذا تعذر الحمل على الشرعي    ] 
إن قلنا بالأصح أنه يحمل على الشرعي ، فلو تعذر ولم يمكن الرد إليه إلا بضرب من التجوز ، فهل يحمل على اللغوي . أو يكون مجملا ، أو يرد إلى الشرعي ؟ فيه ثلاثة مذاهب ، واختار الغزالي  الإجمال . قال : ولم يثبت  [ ص: 85 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق بالحكم العقلي ، ولا بالاسم اللغوي ، ولا بالحكم الأصلي ، فترجيح الشرعي تحكم . وتمثل المسألة ب " { الطواف بالبيت  صلاة   } " وب " { الاثنين فما فوقهما جماعة   } " قال : فإنه يحتمل أن يكون المراد أنه يسمى جماعة ، وانعقاد الجماعة وحصول فضيلتها ، والأكثرون منهم  ابن الحاجب  أنه يحمل على الشرعي ، لأن الشارع بعث لبيان الشرعيات ، وهو الأغلب . 
وقال الشيخ عز الدين  في كتاب " المجاز " : أما قوله صلى الله عليه وسلم . { أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها   } فمحمول على صيغة إيجاب النكاح اللغوية دون الشرعية ، وذلك حقيقة بالنسبة إلى اللغة دون الشرع ، كالصلاة المحمولة على الدعاء في قوله : { وإن كان صائما فليصل   } أي فليدع ، وكذلك نهيه عن بيع الحر ، فإنه محمول على اللغوي دون الشرعي ، وأما نهي الحائض عن الصلاة فليست الصلاة فيه محمولة على العرف الشرعي لتعذره ، ولا على اللغوي الذي هو الدعاء ، لأنه خلاف الإجماع ، وإنما هو مجاز تشبيه ، لأن صورة صلاتها شبيهة بصورة الصلاة الشرعية فهو مجاز عن حقيقة شرعية . والمختار : أن صلاتها مجاز عن مجاز شرعي بالنسبة إلى اللغة ، لأن الأظهر أن تسمية الصلاة الشرعية بهذا اللفظ من مجاز تسمية الكل باسم جزئه ، لأن الدعاء جزء من أجزاء الصلاة ، فتجوز به عنها ، كما تجوز عنها بالقيام والركوع والسجود . . 
				
						
						
