( الفرق الحادي والعشرون والمائة بين قاعدة من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا وبين قاعدة من انعقد له سبب المطالبة بالملك هل يعد مالكا أم لا )
اعلم أن جماعة من مشايخ المذهب رضي الله عنهم أطلقوا عبارتهم بقولهم من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا ؟ قولان ويخرجون على ذلك فروعا كثيرة في المذهب منها إذا ومن وهب له الماء في التيمم هل يبطل تيممه بناء على أنه يعد مالكا أم لا يبطل بناء على أنه لا يعد مالكا ؟ قولان مبنيان على أن من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا ومن عنده ثمن رقبة هل يجوز له الانتقال للصوم في كفارة الظهار أم لا ؟ قولان بناء على أن من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا وكثير من هذه الفروع زعموا أنها مخرجة على هذه القاعدة وليس الأمر كذلك بل هذه القاعدة باطلة وتلك الفروع لها مدارك غير ما ذكروه . قدر على المداواة في السلس أو التزويج هل يجب عليه الوضوء أم لا
وبيان بطلانها أن الإنسان يملك أن يملك أربعين شاة فهل يتخيل أحد أنه يعد مالكا الآن قبل شرائها حتى تجب الزكاة عليه على أحد القولين .
وإذا كان ؟ قولان قبل أن يخطب المرأة لأنه ملك أن يملك عصمتها والإنسان مالك أن يملك خادما أو دابة فهل يقول أحد إنه يعد الآن مالكا لهما فيجب عليه كلفتهما ومئونتهما على قول من الأقوال الشاذة أو الجادة بل هذا لا يتخيله من عنده أدنى مسكة من العقل والفقه وكذلك الآن قادرا على أن يتزوج فهل يجري في وجوب الصداق والنفقة عليه على أحد القولين في هذه القاعدة على زعم من اعتقدها بل هذا كله باطل بالضرورة ونظائر هذه الفروع كثيرة لا تعد ولا تحصى ولا يمكن أن نجعل هذه [ ص: 21 ] من قواعد الشريعة ألبتة بل القاعدة التي يمكن أن تجعل قاعدة شرعية ويجري فيها الخلاف في بعض فروعها لا في كلها أن من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك هل يعطى حكم من ملك ، وملك قد يختلف في هذا الأصل في بعض الفروع ولذلك مسائل : المسألة الأولى إذا حيزت الغنيمة فقد انعقد للمجاهدين سبب المطالبة بالقسمة والتمليك فهل يعدون مالكين لذلك أم لا ؟ قولان فقيل يملكون بالحوز والأخذ وهو مذهب الإنسان يملك أن يشتري أقاربه فهل يعده أحد من الفقهاء مالكا لقريبه فيعتقه عليه قبل شرائه رضي الله عنه وقيل لا يملكون إلا بالقسمة وهو مذهب الشافعي رحمه الله : المسألة الثانية مالك قولان في المذهب : المسألة الثالثة العامل في القراض وجد في حقه سبب يقتضي المطالبة بالقيمة وإعطاء نصيبه من الربح فهل يعد مالكا بالظهور أو لا يملك إلا بالقسمة وهو المشهور . العامل في المساقاة وجد في حقه من العمل ما يقتضي المطالبة بالقسمة وتمليك نصيبه من الثمن فهل لا يملك إلا بالقسمة أو يملك بالظهور
وهو المشهور على عكس القراض ؟ قولان في المذهب : المسألة الرابعة . الشريك في الشفعة إذا باع شريكه تحقق له سبب يقتضي المطالبة بأن يملك الشقص المبيع بالشفعة
ولم أر خلافا في أنه غير : المسألة الخامسة مالك ما يستحقه بصفة فقره أو غير ذلك من الصفات الموجبة للاستحقاق كالجهاد والقضاء والفتيا والقسمة بين الناس أملاكهم وغير ذلك مما شأن الإنسان أن يعطى لأجله فإذا سرق هل يعد كالمالك فلا يجب عليه الحد لوجود سبب المطالبة بالتمليك أو يجب عليه القطع لأنه لا يعد مالكا وهو المشهور ؟ قولان فهذه القاعدة على ما فيها من القوة من جهة قولنا جرى له سبب التمليك في تمشيتها عسر لأجل كثرة النقوض عليها أما هذا المفهوم وهو قولنا من ملك أن يملك مطلقا من غير جريان سبب يقتضي مطالبته بالتمليك ولا غير ذلك من القيود فهذا جعله قاعدة شرعية ظاهر البطلان لضعف المناسبة جدا أو لعدمها ألبتة . الفقير وغيره من المسلمين له سبب يقتضي أن يملك من بيت المال
أما إذا قلنا انعقد له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك فهو مناسب لأن يعد مالكا من حيث الجملة تنزيلا لسبب السبب منزلة السبب وإقامة للسبب البعيد مقام السبب القريب فهذا يمكن أن يتخيل وقوعه قاعدة في الشريعة أما مجرد ما ذكروه فليس فيه إلا مجرد الإمكان والقبول للملك وذلك في غاية البعد عن المناسبة فلا يمكن جعله قاعدة وتتخرج تلك الفروع بغير هذه القاعدة ففي الثوب للسترة يلاحظ فيها قوة المالية فلا يلزمه أو أنه أعانه على دين الله عز وجل ليس من باب تحصيل الأموال فيلزمه ويكافئ عنه إن شاء .
وكذلك القول في الماء يوهب له هل ينظر إلى يسارته فلا منة [ ص: 22 ] أو يلاحظ المالية .
وهي ضرر والضرر منفي عن المكلف لقوله صلى الله عليه وسلم { } ولقوله عز وجل { لا ضرر ولا ضرار وما جعل عليكم في الدين من حرج } وواجد الثمن يخرج على تنزيل وسيلته منزلته أم لا وكذلك القادر على التداوي إلى غير ذلك من النصوص والأقيسة والمناسبات التي اشتهرت في الشرع اعتبارها وهي مشتملة على موجب الاعتبار أما ما لا يشتمل على موجب الاعتبار فلا يمكن جعله قاعدة شرعية بل ينبغي أن يضاف إليه من القيود الموجبة للمناسبة كما تقدم ما يوجب اشتماله على موجب الاعتبار ونقل النقوض عليه وتظهر مناسبته أما عدم المناسبة وكثرة النقوض فاعتبار مثل هذا من غير ضرورة خلاف المعلوم من نمط الشريعة فتأمل ذلك فإنه قد كثر بين المتأخرين خصوصا الشيخ أبا الطاهر بن بشير فإنه اعتمد عليه في كتابه المعروف بالتنبيه كثيرا .