( ) الفرق الرابع والثمانون والمائة بين قاعدة ما يقبل الملك من الأعيان والمنافع وبين قاعدة ما لا يقبله
اعلم أن الأعيان منها ما لا يقبل الملك إما لعدم اشتماله على منفعة كالخشاش أو منفعة محرمة كالخمر [ ص: 237 ] والمطربات المحرمة أو منفعة تعلق بها حق آدمي كالحر فإنه لا يقبل الملك لغيره ؛ لأنه أحق بنفسه من غيره أو تعلق بها حق الله تعالى كالمساجد والبيت الحرام .
وقد تقدم أن الملك إذن شرعي خاص والإذن في غير منتفع به عبث وفي المحرم متناقض وفيما هو حق للغير مبطل لذلك الحق فيمتنع المالك في هذه الأقسام ومنها ما فيه منفعة فيقبل المالك لأجل منفعة وهو قسمان ما يمتنع بيعه إما صونا لمكارم الأخلاق عن الفساد ككلب الصيد وإجارة الأرض إذا قلنا بأنها لا يؤجر مطلقا ؛ لأن ذلك كان قديما من الأمور المنافية لمكارم الأخلاق ولذلك قال عليه السلام { } فإن الحسن والقبح في هذه الأمور عادي وإما لتعلق حق الغير كأم الولد لتعلق حقها بالعتق والحر لتعلق حقه بنفسه والوقف لتعلق حق الموقوف [ ص: 238 ] عليه به . من كانت له أرض فليزرعها أو يمنحها أخاه
وأما ما سلم من هذه الموانع فهو القابل للملك والتصرف بأسباب الملك على اختلافها ونظائره كثيرة معروفة كالبر والأنعام وغيرهما فهذا تلخيص الفرق بين القاعدتين وها هنا قاعدة أخرى تلاحظ في هذا الفرق وهي إن كل تصرف كان من العقود كالبيع أو غير العقود كالتعزيرات وهو لا يحصل مقصوده فإنه لا يشرع ويبطل إن وقع ، فلذلك امتنع بيع الحر وأم الولد ونكاح المحرم وذوات المحرم فإن مقاصد هذه العقود لا تحصل بها .
وكذلك الإجارة على الأفعال المحرمة وتعزير من يعقل الزجر كالسكران والمجنون ونحوهما فإن الزجر لا يحصل بذلك والمقصود من البيع ونحوه إنما هو انتفاع كل واحد من المتعاوضين بما يصير إليه فإذا كان عديم المنفعة أو محرما لم يحصل مقصوده فيبطل عقده والمعاوضة عليه لهذه القاعدة ، فهذه القاعدة أيضا [ ص: 239 ] تحصل فرقا بين القاعدتين .