( المسألة الثانية ) في بيان وذلك أن الله عز وجل شرع السلف قربة للمعروف ولذلك [ ص: 292 ] استثناه من الربا المحرم فيجوز دفع دينار ليأخذ عوضه دينارا إلى أجل قرضا ترجيحا لمصلحة الإحسان على مفسدة الربا ، وهذا من الصور التي قدم الشرع فيها المندوبات على المحرمات ومن الصور التي مصلحتها تقتضي الإيجاب لكن ترك الشرع ترتيب الإيجاب عليها رفقا بالعباد كمصلحة السواك فقال عليه السلام { علة تحريم جر السلف النفع للمسلف } ، وقد بسطت هذه المسألة في كتاب اليواقيت في أحكام المواقيت ، وقد تقدم منه نبذة في هذا الكتاب [ ص: 293 ] يدلك على أن مصلحة السلف تقتضي الوجوب معارضتها للمحرم ، ومعارضة مفسدة التحريم تقتضي أن يكون مصلحة إيجاب ، بل أعظم من أصل الإيجاب فإن المحرم يقدم على الواجب عند التعارض على الصحيح فتقديم هذه المصلحة يقتضي عظمها على أصل الوجوب فإذا لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك بطلت مصلحة الإحسان بالمكايسة فتبقى مفسدة الربا سليمة عن المعارض فيما يحرم فيه الربا فيترتب عليها التحريم ، ووجه آخر وهو أنهما خالفا مقصود الشارع وواقعا ما لله لغير الله وهو وجه تحريم ما لا ربا فيه كالعروض وهو دون الأول في التحريم . وقع القرض ليجر [ ص: 294 ] نفعا