( المسألة السادسة ) في الشرط الثاني عشر يجوز ، وقاله السلم فيما ينقطع في بعض الأجل الشافعي رضي الله عنهما ومنعه وابن حنبل رضي الله عنه واشترط استمرار وجود المسلم فيه من حين العقد إلى حين القبض محتجا بوجوده أبو حنيفة
( الأول ) احتمال موت البائع فيحمل السلم بموته فلا يوجد المسلم فيه
( الثاني ) إذا كان معدما قبل الأجل وجب أن يكون معدما عنده عملا بالاستصحاب ، فيكون غررا فيمتنع إجماعا
، ( الثالث ) أنه معدوم ، وعند العقد فيمتنع في المعدوم كبيع الغائب على الصفة إذا كان معدوما
( الرابع ) أن المعدوم أبلغ في الجهالة فيبطل قياسا عليها بطريق الأولى ؛ لأن المجهول الموجود له ثبوت من بعض الوجوه بخلاف المعدوم هو نفي محض
( الخامس ) أن ابتداء العقود آكد من انتهائها بدليل اشتراط الولي وغيره في ابتداء النكاح ومنافاة اشتراط أجل معلوم فيه وهو المتعة فينافي التحديد أوله دون آخره ، وكذلك البيع يشترط أن يكون المبيع معلوما مع شروط كثيرة ولا يشترط ذلك بعد ، فكلما ينافي أوله ينافي آخره من غير عكس ، والعدم ينافي آخر الأجل فينافي أول العقد بطريق الأولى والجواب عن الأول أنه لو اعتبر لكان الأجل في السلم مجهولا لاحتمال الموت فيلزم بطلان كل سلم ، وكذلك البيع بثمن إلى أجل ، بل الأصل عدم تغير ما كان عند العقد بقاء الإنسان إلى حين التسليم فإن وقع الموت وقفت التركة إلى الإبان فإن الموت لا يفسد البيع ، وعن الثاني أن الاستصحاب معارض بالغالب فإن الغالب وجود الأعيان في إبانها ، وعن الثالث أن الحاجة تدعو إلى العدم في السلم بخلاف بيع الغائب لا ضرورة تدعو إلى ادعاء وجوده ، بل نجعله سلما فلا يلزم من ارتكاب الغرر للحاجة ارتكابه لغير حاجة فلا يحصل مقصود الشارع من الرفق في السلم إلا مع العدم وإلا فالموجود يباع بأكثر من ثمن السلم ، وعن الرابع أن المالية منضبطة مع العدم بالصفات وهي مقصود عقود التهمة بخلاف الجهالة ، ثم ينتقض ما ذكرتم بالإجارة تمنعها الجهالة دون العدم ، وعن الخامس إنا نسلم أن ابتداء العقود آكد في نظر الشرع لكن آكد من استمرار آثارها ونظيره ها هنا بعض القبض وإلا فكل ما يشترط من أسباب المالية عند العقد يشترط في المعقود عليه عند التسليم ، وعدم المعقود عليه عند العقد مع وجود المعقود عليه عند التسليم لا [ ص: 298 ] مدخل له في المالية ألبتة ، بل المالية مصونة بوجود المعقود عليه عند التسليم فهذا العمل حينئذ طردي فلا يعتبر في الابتداء ولا في الانتهاء مطلقا ، بل يتأكد مذهبنا بالحديث الصحيح { المدينة فوجدهم يسلمون في الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال عليه السلام من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم } ، وهذا يدل من وجوه ، أحدها أن ثمر السنين معدوم ، وثانيها أنه عليه السلام أطلق ولم يفرق ، وثالثها أن الوجود لو كان شرطا لبينه عليه السلام ؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع أو نقول إنه وقت لم يجعله المتعاقدان محلا للسلم فيه فلا يعتبر وجوده كما بعد الأجل ؛ لأن القدرة على التسليم إنما تطلب في وقت اقتضاء العقد لها أما ما لا يقتضيه فيستوي فيه قبل الأجل لتوقع الموت وبعده لتعذر الوجود ، فيتأخر القبض فكما أن أحدهما ملغى إجماعا فكذلك الآخر وقياسا على أثمان بيوع الآجال قبل محلها . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم