( ومنها ) فإن كان البناء للوقف على المسجد فهو كبناء المسجد قاله الشيخ بناء غير المساجد في الطرقات تقي الدين بن تيمية وكذا إن كان لمصلحة عامة كخان مسبل ونحوه وإن كان لمنفعة تختص بأحد الناس فالمشهور عدم جوازه ; لأن الطريق مشترك فلا يملك أحد إسقاط الحق المشترك منه والاختصاص به ولا يملك الإمام الإذن في ذلك وفي كتاب الطرقات أن بعض الأصحاب أفتى بجوازه وأخذه من نص لابن بطة في بناء المسجد . والفرق واضح ; لأن بناء المسجد حق الاشتراك فيه باق غير أنه انتقل من استحقاق المرور إلى استحقاق اللبث للعبادة ، وكلام أحمد يدل على المنع قال في رواية أحمد ابن القاسم : إذا كان الطريق قد سلكه الناس وصير طريقا فليس لأحد أن يأخذ منها شيئا قليلا ولا كثيرا . وقال في رواية العباس بن موسى إذا نضب الماء عن جزيرة لم يبن فيها ; لأن فيها ضررا وهو أن الماء يرجع قال معناه إذا بنى في طريق المارة فضر بالمارة في ذلك الطريق فلم يجوزه ، وكره في رواية القاضي ابن بختان أن يطحن في الغروب وقال ربما غرقت السفن وقال في رواية مثنى : إذا كانت في طريق الناس فلا يعجبني والغروب كأنها طاحون يصنع في النهر الذي تجري فيه السفن وكره شراء ما يطحن فيها . وذكر في الغربة في النهر : إن كان وضعها بإذن الإمام والطريق واسع والجريان معتدل بحيث يمكن الاحتراز منه جاز وإلا لم يجز . ولعل الغربة كالسفينة لا تتأبد بخلاف البناء وحكم الغراس حكم البناء وقد قال ابن عقيل في النخلة المغروسة في المسجد : أنها غرست بغير حق فلا أحب الأكل منها ولو قلعها الإمام كان أولى ومن الأصحاب من أطلق فيها الكراهة كصاحب المبهج وجعل ثمرها لجيران المسجد الفقراء ونص أحمد في رواية أحمد ابن هانئ وابن بختان في دار السبيل يغرس فيها كرم قال : إن كان يضر بهم فلا . وظاهره جوازه مع انتفاء الضرر ولعل الغرس كان لجهة السبيل أيضا .