وحديث أنس أنها مما حرم الله ورسوله، وحديث وابن عباس هذا، والمرسل منها له ما يوافقه، وقد عمل به بعض الصحابة والسلف، وهذا حجة باتفاق الفقهاء. عائشة
السادس: ما رواه من حديث أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أبي هريرة من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ".
وللعلماء في تفسيره قولان:
أحدهما: أن يقول: بعتك بعشرة نقدا، أو عشرين نسيئة، وهذا هو الذي رواه عن أحمد سماك ففسره في حديث قال " ابن مسعود ". نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة، قال سماك: الرجل يبيع البيع، فيقول: هو على نساء بكذا، وبنقد بكذا
وهذا التفسير ضعيف، فإنه لا يدخل الربا في هذه الصورة، ولا صفقتين هنا، وإنما هي صفقة واحدة بأحد الثمنين.
والتفسير الثاني: أن يقول: أبيعكها بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة، وهذا معنى الحديث الذي لا معنى له غيره، وهو مطابق لقوله " "، فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي، أو الثمن الأول [ ص: 471 ] فيكون هو أوكسهما، وهو مطابق لصفقتين في صفقة. فله أوكسهما أو الربا
فإنه قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة، ومبيع واحد، وهو قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها، ولا يستحق إلا رأس ماله، وهو أوكس الصفقتين، فإن أبى إلا الأكثر كان قد أخذ الربا.
فتدبر مطابقة هذا التفسير لألفاظه صلى الله عليه وسلم وانطباقه عليها.
ومما يشهد لهذا التفسير: ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " " و" أنه نهى عن بيعتين في بيعة " عن سلف وبيع
فجمعه بين هذين العقدين في النهي؛ لأن كلا منهما يؤول إلى الربا؛ لأنهما في الظاهر بيع وفي الحقيقة ربا.