[ ص: 303 ] المبحث الثامن عشر
إذا أوصى بكتب العلم لأهل العلم، فهل يدخل فيهم أهل الكلام؟
علم الكلام هو: علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته ، وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون العلم الفلسفي.
والكلام ليس من العلم ، قال -رحمه الله-: « الكلام رديء لا يدعو إلى خير، لا يفلح صاحب كلام، تجنبوا أصحاب الجدل والكلام، وعليكم بالسنن ، وما كان عليه أهل العلم، فإنهم كانوا يكرهون الكلام » . أحمد
والمتكلمون ليسوا من أهل العلم بإجماع أهل العلم، ولذلك لا يدخلون في هذه الوصية، قال -رحمه الله-: « أجمع الفقهاء أهل الآثار من جميع الأمصار أن ابن عبد البر أهل الكلام لا يعدون في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الفقه والأثر... » ، وعلى هذا فلا يدخل المتكلمون في هذه الوصية; لأنهم لا يدخلون في أهل العلم ولا طلبته.
ونظير هذا لو أوصى لأصحاب الحديث، فلا يدخل فيه المتفقهون إذا [ ص: 304 ] كانوا لا يقرءون الأحاديث أو يسمعونها; لأنهم لا يتناولهم اسم أصحاب الحديث.
وكتب الكلام عند الفقهاء ليست من كتب أهل العلم في العرف، ولا يسبق إلى الفهم ذلك، فلا تدخل تحت مطلق الكتب:
جاء عند الحنفية : « لو أن رجلا أوصى بأن تباع كتبه ما كان خارجا من العلم، وتوقف كتب العلم، فكان فيها كتب كلام، فإنها تباع; لأنها خارجة من العلم » .
وجاء عند الحنابلة : « لو أوصى إنسان لرجل آخر بكتب العلم، فكان فيها كتب الكلام فلا تدخل في الوصية; لأنه ليس من العلم » .