المبحث السادس
وطء الأمة الموقوفة
وفيه مطالب:
المطلب الأول
حكم وطء الأمة الموقوفة
لا يجوز مطلقا، سواء كان الواطئ هو الموقوف عليه أو الواقف أو أجنبي; لأنه لا ملك لأحد عليها - كما سبق بيانه في ملكية الوقف- وحتى من قال بملكية الموقوف عليه أو الواقف للعين الموقوفة لم يجز لواحد منهما وطؤها ; لأن ملكهم لها ناقص غير تام، حيث لا يتصرفون فيها تصرف الملاك في إمائهم من بيع وهبة ونحوها، فلا تحل لهما ولا لغيرهما; لعموم قوله تعالى : وطء الأمة الموقوفة بغير عقد نكاح والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون
فالأمة الموقوفة لا ملك لأحد عليها على الصحيح، وعلى الأقوال الأخرى فالملك ضعيف وغير تام. [ ص: 216 ]
قال النووي: "لا يجوز وطء الموقوفة لا للواقف ولا للموقوف عليه - وإن قلنا الملك فيها لهما - ; لأنه ملك ضعيف".
وفي مغني المحتاج: "ويحرم على الواقف والموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة، ولا يلزم الموقوف عليه الإذن في تزويجها وإن طلبته منه; لأن الحق له".
وفي الشرح الكبير : "وليس له وطء الجارية، فإن فعل فلا حد عليه ولا مهر) لا يجوز للموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة ; لأنا لا نأمن حبلها، فتنقص أو تتلف أو تخرج من الوقف بكونها أم ولد، ولأن ملكه ناقص".
قال البهوتي: "وليس للموقوف عليه وطء الأمة ولو أذن فيه الواقف; لأن ملكه ناقص".
وهناك احتمال بجواز وطء الواقف أو الموقوف عليه للأمة الموقوفة، ذكره المناوي عن الأذرعي عند خوف العنت، حيث قال: "لو غلب على ظن الواقف أو الموقوف عليه الزنى لو لم يطأها لفرط شبقه، وعدم قدرته على حليلة ، فهل له وطؤها؟.
لم أر من تعرض له، بيد أن الأذرعي بحث جوازه للراهن والحالة هذه ; لكونه كالمضطر، فيحتمل مجيء مثله هنا ". [ ص: 217 ]
وهذا الاحتمال غير معتبر ; لأن الفروج لا تحل بالضرورة.