المطلب الثالث
وجوب المهر بوطء الأمة الموقوفة
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في على أقوال: وجوب المهر بوطء الأمة الموقوفة
القول الأول : عدم وجوب المهر بوطء الأمة الموقوفة .
وهو رواية عن الإمام ، واختاره شيخ الإسلام. أحمد
إذ شيخ الإسلام لا يرى وجوب المهر للموطوءة زنى كرها، والمطاوعة من باب أولى .
القول الثاني : وجوب المهر بوطء الأمة الموقوفة .
وهو مذهب الحنابلة.
جاء في الإنصاف: "لو وطئ الجارية الموقوفة، فلا حد عليه ولا مهر على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الحارثي : ويتجه أن ينبني على الملك إن جعلناه له فلا حد، وإلا [ ص: 226 ] فعليه الحد، قال : وفي المغني وجه قال : لأنه لا يملك إلا المنفعة فلزمه كالمستأجر". بوجوب الحد في وطء الموصى له بالمنفعة،
القول الثالث: إن كانت مطاوعة وجب المهر، وإلا لم يجب.
وهو مذهب الشافعية.
جاء في مغني المحتاج: "(وله) أي: الموقوف عليه (مهر) وطء (الجارية إذا وطئت بشبهة) أو زنى بها مكرهة أو غير مميزة (أو نكاح إن صححناه) أي : نكاحها (وهو الأصح) إذا زوجها الحاكم من غير الواقف والموقوف عليه، وأذن له الموقوف عليه ; لأنه من جملة الفوائد كالثمرة، ويحرم على الواقف والموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة .... وإذا وطئها الموقوف عليه لا يلزمه المهر ولا قيمة ولدها الحادث بتلفه أو بانعقاده حرا; لأن المهر ولد الموقوفة الحادث له، ويلزمه الحد حيث لا شبهة كالواقف ولا أثر لملكه المنفعة، وهذا هو المعتمد كما جرى عليه ابن المقري في روضه.
تنبيه : قول المصنف إن صححناه لا مفهوم له ; لأنه إذا لم يصح كان وطء شبهة وقد قال : إن المهر له في ذلك ، أما إذا زنى بها مطاوعة وهي مميزة فلا مهر لها " .
القول الرابع: إن كان الواطئ الموقوف عليه لم يجب عليه المهر، وإلا وجب.
وهو قول الحنفية .
الأدلة:
دليل القول الأول: (عدم وجوب المهر) :
استدل لهذا الرأي بما يلي : [ ص: 227 ]
(280) ما رواه البخاري من طريق ومسلم عن أبي بكر بن عبد الرحمن، رضي الله عنه أبي مسعود "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن".
دليل القول الثاني: (وجوب المهر مطلقا) :
استدل لهذا الرأي بما يلي:
(281) ما رواه : حدثنا أحمد قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرني ابن جريج، أن سليمان بن موسى، أخبره أن ابن شهاب أخبره أن عروة رضي الله عنها أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عائشة [ ص: 228 ] "أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها ، فنكاحها باطل - ثلاثا - ولها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا، فإن السلطان ولي من لا ولي له".
[ ص: 229 ] ونوقش: بتخصيص الوطء المحرم; لما تقدم من دليل القول الأول.
دليل القول الثالث: (وجوب المهر إن كانت مكرهة) :
استدل لهذا الرأي :
لما تقدم من حديث رضي الله عنها : عائشة . "ولها المهر بما استحل من فرجها"
ونوقش هذا الاستدلال: بأن كون الأمة مكرهة أو مطاوعة لا تأثير; إذ المهر ليس من حقوقها، بل للموقوف عليه.
دليل القول الرابع: (وجوب المهر إن كان الواطئ غير الموقوف عليه) :
استدل لهذا الرأي: بما تقدم من الدليل على وجوب المهر، وخص من ذلك الموقوف عليه ; إذ هو المنتفع، والمهر سيصير إليه.
الترجيح :
الراجح - والله أعلم - القول الأول; إذ دليلهم نص في الموضوع . [ ص: 230 ]