التمهيد ويشتمل على مطالب:
المطلب الأول: تعريف الهبة لغة واصطلاحا.
المطلب الثاني: الأصل فيها (من حيث الدليل ) .
المطلب الثالث: حكمها.
المطلب الرابع: حكمها.
المطلب الخامس: الفرق بين الهبة، والهدية، والعطية، والصدقة، والوصية، والرشوة، والوقف.
المطلب السادس: سؤال الهبة.
المطلب السابع: الإثابة على الهبة، والدعاء للواهب.
المطلب الثامن: قبول الهبة، وردها من المهدى إليه، والاعتذار للمهدي.
المطلب التاسع: ما تصح هبته.
المطلب العاشر: زكاة الثمرة الموهوبة قبل بدو الصلاح.
المطلب الحادي عشر: الزكاة إذا كانت الهبة بعد بدو الصلاح.
[ ص: 28 ] [ ص: 29 ] المطلب الأول: تعريف الهبة، والعطية، والهدية في اللغة والاصطلاح وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
nindex.php?page=treesubj&link=7211تعريف الهبة في اللغة
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده: "وهب لك الشيء يهبه وهبا ووهبا بالتحريك وهبة، والاسم الموهب والموهبة بكسر الهاء فيهما، ولا يقال: وهبكه، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14551السيرافي عن
أبي عمرو أنه سمع أعرابيا يقول لآخر: انطلق معي أهبك نبلا".
وفي أسماء الله تعالى: الوهاب.
والهبة: العطية الخالية عن الأعراض والأغراض، فإذا كثرت سمي صاحبها وهابا، وهو من أبنية المبالغة، والوهاب: من صفات الله المنعم على العباد، والله تعالى الوهاب الواهب، وكل ما وهب لك من ولد وغيره فهو موهوب.
وقيل في اللغة: أصلها من الوهب، والوهب بتسكين الهاء وتحريكها، وكذلك في كل معتل الفاء كالوعد والعدة، والوعظ والعظة، فكانت من
[ ص: 30 ] المصادر التي حذف أوائلها ويعوض في أواخرها التاء، ومعناها: إيصال الشيء إلى الغير بما ينفعه سواء كان مالا أو غير مال، قال: وهب له مالا وهبا وهبة، ويقال: وهب الله فلانا ولدا صالحا، ومنه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5فهب لي من لدنك وليا (5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يرثني ، ويقال: وهبه مالا، ولا يقال: وهب منه، ويسمى الموهوب هبة وموهبة، والجمع هبات ومواهب.
والوهوب: الرجل الكثير الهبات، ووهبت له هبة، وموهبة، ووهبا، ووهبا; إذا أعطيته، ووهب الله له الشيء، فهو يهب هبة.
ورجل واهب ووهاب ووهوب ووهابة، أي: كثير الهبة لأمواله، والهاء للمبالغة، والموهوب: الولد، صفة غالبة، وتواهب الناس: وهب بعضهم لبعض.
والاستيهاب: سؤال الهبة، واتهب: قبل الهبة. واتهبت منك درهما، افتعلت، من الهبة، والاتهاب: قبول الهبة.
والموهبة: الهبة، بكسر الهاء، وجمعها مواهب، وواهبه فوهبه يهبه ويهبه: كان أكثر هبة منه، والموهبة: العطية، ويقال للشيء إذا كان معدا عند الرجل مثل الطعام: هو موهب، بفتح الهاء، وأصبح فلان موهبا بكسر الهاء، أي: معدا قادرا، وأوهب لك الشيء: أعده، وأوهب لك الشيء: دام، قال أبو زيد وغيره: أوهب الشيء; إذا دام، وأوهب الشيء; إذا كان معدا عند الرجل، فهو موهب.
وأوهب لك الشيء: أمكنك أن تأخذه وتناله; عن ابن الأعرابي وحده، قال: ولم يقولوا: أوهبته لك.
[ ص: 31 ] وفي المصباح المنير: "وهبت لزيد مالا أهبه له هبة: أعطيته بلا عوض، يتعدى إلى الأول باللام.
وفي التنزيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور .
ووهبا بفتح الهاء وسكونها، وموهبا وموهبة بكسرهما، قال ابن القوطية والسرقسطي والمطرزي وجماعة: ولا يتعدى إلى الأول بنفسه، فلا يقال: وهبتك مالا، والفقهاء يقولونه، وقد يجعل له وجه، وهو أن يضمن وهب معنى جعل، فيتعدى بنفسه إلى مفعولين، ومن كلامهم: وهبني الله فداك، أي: جعلني، لكن لم يسمع في كلام فصيح".
التَّمْهِيدُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مَطَالِبَ:
الْمَطْلَبُ الْأَوَّلُ: تَعْرِيفُ الْهِبَةِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا.
الْمَطْلَبُ الثَّانِي: الْأَصْلُ فِيهَا (مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ ) .
الْمَطْلَبُ الثَّالِثُ: حُكْمُهَا.
الْمَطْلَبُ الرَّابِعُ: حِكَمُهَا.
الْمَطْلَبُ الْخَامِسُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْهِبَةِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَالْعَطِيَّةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالرِّشْوَةِ، وَالْوَقْفِ.
الْمَطْلَبُ السَّادِسُ: سُؤَالُ الْهِبَةِ.
الْمَطْلَبُ السَّابِعُ: الْإِثَابَةُ عَلَى الْهِبَةِ، وَالدُّعَاءُ لِلْوَاهِبِ.
الْمَطْلَبُ الثَّامِنُ: قَبُولُ الْهِبَةِ، وَرَدُّهَا مِنَ الْمُهْدَى إِلَيْهِ، وَالِاعْتِذَارُ لِلْمُهْدِي.
الْمَطْلَبُ التَّاسِعُ: مَا تَصِحُّ هِبَتُهُ.
الْمَطْلَبُ الْعَاشِرُ: زَكَاةُ الثَّمَرَةِ الْمَوْهُوبَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ.
الْمَطْلَبُ الْحَادِي عَشَرَ: الزَّكَاةُ إِذَا كَانَتِ الْهِبَةُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ.
[ ص: 28 ] [ ص: 29 ] الْمَطْلَبُ الْأَوَّلُ: تَعْرِيفُ الْهِبَةِ، وَالْعَطِيَّةِ، وَالْهَدِيَّةِ فِي اللُّغَةِ وَالِاصْطِلَاحِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:
nindex.php?page=treesubj&link=7211تَعْرِيفُ الْهِبَةِ فِي اللُّغَةِ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابْنُ سَيِّدِهِ: "وَهَبَ لَكَ الشَّيْءَ يَهَبُهُ وَهْبًا وَوَهَبًا بِالتَّحْرِيكِ وَهِبَةً، وَالِاسْمُ الْمُوهَبُ وَالْمَوْهِبَةُ بِكَسْرِ الْهَاءِ فِيهِمَا، وَلَا يُقَالُ: وَهَبَكَهُ، هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ، وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14551السِّيرَافِيُّ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ لِآخَرَ: انْطَلِقْ مَعِي أَهَبُكَ نَبْلًا".
وَفِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى: الْوَهَّابُ.
وَالْهِبَةُ: الْعَطِيَّةُ الْخَالِيَةُ عَنِ الْأَعْرَاضِ وَالْأَغْرَاضِ، فَإِذَا كَثُرَتْ سُمِّيَ صَاحِبُهَا وَهَّابًا، وَهُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالِغَةِ، وَالْوَهَّابُ: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الْمُنْعِمِ عَلَى الْعِبَادِ، وَاللَّهُ تَعَالَى الْوَهَّابُ الْوَاهِبُ، وَكُلُّ مَا وُهِبَ لَكَ مِنْ وَلَدٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ مَوْهُوبٌ.
وَقِيلَ فِي اللُّغَةِ: أَصْلُهَا مِنَ الْوَهْبِ، وَالْوَهْبُ بِتَسْكِينِ الْهَاءِ وَتَحْرِيكِهَا، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مُعْتَلِّ الْفَاءِ كَالْوَعْدِ وَالْعِدَةِ، وَالْوَعْظِ وَالْعِظَةِ، فَكَانَتْ مِنَ
[ ص: 30 ] الْمَصَادِرِ الَّتِي حُذِفَ أَوَائِلُهَا وَيُعَوَّضُ فِي أَوَاخِرِهَا التَّاءُ، وَمَعْنَاهَا: إِيصَالُ الشَّيْءِ إِلَى الْغَيْرِ بِمَا يَنْفَعُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ، قَالَ: وَهَبَ لَهُ مَالَا وَهْبًا وَهِبَةً، وَيُقَالُ: وَهَبَ اللَّهُ فُلَانًا وَلَدًا صَالِحًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=6يَرِثُنِي ، وَيُقَالُ: وَهَبَهُ مَالًا، وَلَا يُقَالُ: وُهِبَ مِنْهُ، وَيُسَمَّى الْمَوْهُوبُ هِبَةَ وَمَوْهِبَةَ، وَالْجَمْعُ هِبَاتٌ وَمَوَاهِبُ.
وَالْوَهُوبُ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الْهِبَاتِ، وَوَهَبْتُ لَهُ هِبَةً، وَمُوهِبَةً، وَوَهْبًا، وَوَهَبًا; إِذَا أَعْطَيْتُهُ، وَوَهَبَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْءَ، فَهُوَ يَهَبُ هِبَةً.
وَرَجُلٌ وَاهِبٌ وَوَهَّابٌ وَوَهُوبٌ وَوَهَّابَةٌ، أَيْ: كَثِيرُ الْهِبَةِ لِأَمْوَالِهِ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالِغَةِ، وَالْمَوْهُوبُ: الْوَلَدُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وَتَوَاهَبَ النَّاسُ: وَهَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ.
وَالِاسْتِيهَابُ: سُؤَالُ الْهِبَةِ، وَاتَّهَبَ: قَبِلَ الْهِبَةِ. وَاتَّهَبْتُ مِنْكَ دِرْهَمًا، افْتَعَلْتُ، مِنَ الْهِبَةِ، وَالِاتِّهَابُ: قَبُولُ الْهِبَةِ.
وَالْمَوْهِبَةُ: الْهِبَةُ، بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَجَمْعُهَا مَوَاهِبُ، وَوَاهَبَهُ فَوَهَبَهُ يَهَبُهُ وَيَهَبُهُ: كَانَ أَكْثَرَ هِبَةً مِنْهُ، وَالْمَوْهِبَةُ: الْعَطِيَّةُ، وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا كَانَ مُعَدًّا عِنْدَ الرَّجُلِ مِثْلَ الطَّعَامِ: هُوَ مُوهَبٌ، بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَأَصْبَحَ فُلَانٌ مُوهِبًا بِكَسْرِ الْهَاءِ، أَيْ: مُعِدًّا قَادِرًا، وَأَوْهَبَ لَكَ الشَّيْءَ: أَعَدَّهُ، وَأُوهِبَ لَكَ الشَّيْءُ: دَامَ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: أُوهِبَ الشَّيْءُ; إِذَا دَامَ، وَأُوهِبَ الشَّيْءُ; إِذَا كَانَ مُعَدًّا عِنْدَ الرَّجُلِ، فَهُوَ مُوهَبٌ.
وَأُوهِبَ لَكَ الشَّيْءُ: أَمْكَنَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ وَتَنَالَهُ; عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ، قَالَ: وَلَمْ يَقُولُوا: أَوَهَبْتُهُ لَكَ.
[ ص: 31 ] وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ: "وَهَبْتُ لِزَيْدٍ مَالًا أَهَبُهُ لَهُ هِبَةً: أَعْطَيْتُهُ بِلَا عِوَضٍ، يَتَعَدَّى إِلَى الْأَوَّلِ بِاللَّامِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=49يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ .
وَوَهْبًا بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا، وَمَوْهِبًا وَمَوْهِبَةً بِكَسْرِهِمَا، قَالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ وَالسَّرَقُسْطِيُّ وَالْمُطَرَّزِيُّ وَجَمَاعَةٌ: وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى الْأَوَّلِ بِنَفْسِهِ، فَلَا يُقَالُ: وَهَبْتُكَ مَالًا، وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَهُ، وَقَدْ يُجْعَلُ لَهُ وَجْهٌ، وَهُوَ أَنْ يُضَمَّنَ وَهَبَ مَعْنَى جَعَلَ، فَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَمِنْ كَلَامِهِمْ: وَهَبَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، أَيْ: جَعَلَنِي، لَكِنْ لَمْ يُسْمَعْ فِي كَلَامٍ فَصِيحٍ".