التفسير:
إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم : قال قوله تعالى: : إذا أراد أن يظلم مظلمة، فقيل له: اتق الله؛ كف. السدي
وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا يعني: بتصديقهم بها.
أولئك هم المؤمنون حقا أي: الذين استوى في الإيمان ظاهرهم وباطنهم.
كما أخرجك ربك من بيتك بالحق : [قال : المعنى: أطيعوا الله ورسوله كما أخرجك]. عكرمة
الكاف بمعنى الواو التي للقسم، و (ما) بمعنى: (الذي) ؛ المعنى: أبو عبيدة:
[ ص: 161 ] والذي أخرجك ربك.
وقيل: التقدير: الأنفال ثابتة لك كما أخرجك ربك.
وقيل: التقدير: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق فاتقوا الله.
وقوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم : إحدى الطائفتين : مشركو قريش، والأخرى: كان مقبلا بالعير من أبو سفيان بن حرب، الشام؛ فلما بلغ أبا سفيان خروج النبي صلى الله عليه وسلم؛ بعث إلى مكة مستغيثا، فخرجوا إليه، وكان من أمرهم ما هو مشهور، وقد ذكرته مختصرا في "الكبير".
وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم يعني: الطائفة التي لا حرب فيها؛ وهي العير، و الشوكة : السلاح.
ويريد الله أن يحق الحق بكلماته أي: بكونه على ما أخبر به من إظهاره وإعزازه، وقيل: المعنى: يحق الحق بأمره إياكم أن تجاهدوا عدوكم.
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين : التقدير: ويبطل الباطل إذ تستغيثون، وقيل: التقدير: اذكروا إذ تستغيثون.
[ ص: 162 ] ومعنى {مردفين}: مع كل ملك منهم ملك، قاله . ابن عباس
، قتادة : {مردفين}: متتابعين. والسدي
وقيل: المعنى: مردفين للمؤمنين، يقال: (ردفه، وأردفه) ؛ إذا جاء بعده، وقيل: (ردفه) ؛ إذا صار له ردفا، و (أردفه) ؛ إذا جعله ردفا.
وتقدم القول في: وما جعله الله إلا بشرى [آل عمران: 126].
وما النصر إلا من عند الله : نبه على أن النصر من عنده عز وجل، لا من الملائكة، وتقدم خبر (النعاس)، و (الأمنة).
وينـزل عليكم من السماء ماء : يروى: أن الوادي كان دهسا، فأنزل الله مطرا، فلبده؛ حتى تثبت عليه الأقدام، عن ، وغيره. ابن عباس
(ثبات أقدامهم): صبرهم لعدوهم؛ للصبر الذي أفرغ عليهم. أبو عبيدة:
ويذهب عنكم رجز الشيطان يعني: وسوسته، قال : وسوس الشيطان إلى المسلمين بأن المشركين قد غلبوهم على الماء، وأنهم لا يجدون ما يتطهرون به للصلاة، وما لا ما يشربون. ابن عباس
[ ص: 163 ] : وسوسته: أن قال للمسلمين: ليس لكم بالمشركين طاقة. ابن زيد
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم أي: بالنصر والمعونة.
فثبتوا الذين آمنوا : قيل: بالقتال معهم، وقيل: بالحضور معهم من غير قتال، وقيل: بإخبارهم أنهم يغلبون عدوهم.
فاضربوا فوق الأعناق أي: أعلى الأعناق، وقيل: المعنى: اضربوا الأعناق، و {فوق}: زائدة؛ لأنهم أبيحوا ضربهم في كل مكان.
واضربوا منهم كل بنان : (البنان): أطراف الأصابع من اليدين والرجلين، الواحدة: (بنانة)، ويقال للإصبع: بنانة، وهو مشتق من (أبن بالمكان) ؛ إذا أقام به، فالبنان يلزم به ما يقبض عليه.
: (البنان): كل مفصل. الضحاك
: (البنان): الأصابع، وغيرها من الأعضاء. الزجاج
ذلكم فذوقوه أي: الأمر ذلكم، فذوقوه.
وأن للكافرين عذاب النار : {أن} معطوفة على {ذلكم}، وقيل: التقدير: واعلموا أن للكافرين عذاب النار.
وقوله: إذا لقيتم الذين كفروا زحفا : (الزحف): الدنو قليلا قليلا.