[ ص: 164 ] فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى : أعلم الله تعالى أنه المميت، والمقدر لجميع الأشياء، وروي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ قبضة من تراب وحصى، فرمى بها، وقال: "شاهت الوجوه"، فقسمها الله تعالى على أبصارهم، حتى عم بها جميعهم)، فأعلم الله تعالى أنه الموصل ذلك إلى أعينهم.
وروي: أن الحصباء التي رمى بها النبي صلى الله عليه وسلم لم تقع على أحد منهم إلا قتل، وانهزم، وصارت في جسمه خضرة.
وروي أيضا: أن الله تعالى أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يرميهم بثلاثة أحجار، فكان النصر عند الحجر الثالث.
وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا : (البلاء) ههنا: النعمة.
ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين أي: ذلكم الأمر، وقيل: التقدير: الحق ذلكم، وأن الله موهن كيد الكافرين ؛ أي: مضعفه.
إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح : قيل ذلك للمشركين؛ لأنهم استفتحوا، فقالوا: اللهم؛ أقطعنا للرحم، وأظلمنا لصاحبه، فانصر عليه، قاله ، الحسن ، وغيرهما. ومجاهد
[ ص: 165 ] وقيل: قيل لهم ذلك؛ لقولهم: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم [الأنفال: 32].
وقيل: الخطاب كله للمؤمنين.
وإن تنتهوا فهو خير لكم أي: وإن تنتهوا عما أخذتموه من الغنائم، وفعلتموه من الأسر قبل الإذن. ومعنى
وإن تعودوا إلى مثل ذلك؛ {نعد} إلى توبيخكم.
وقيل: إن قوله: إن تستفتحوا للمسلمين، وما بعده للمشركين؛ فمعنى وإن تعودوا نعد : إن جعل للمشركين أن يعودوا إلى القتال؛ نعد إلى مثل وقعة بدر.
وروي: أن المشركين خرجوا معهم بأستار الكعبة يستفتحون بها؛ أي: يستنصرون.
وقوله: ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون أي: وأنتم تسمعون دعاءه لكم.
: وأنتم تسمعون الحجة. الحسن
ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون : لأنهم استمعوا استماع من لا يريد اتباع الحق، ثم أعلم الله تعالى أن الكفار شر ما دب على الأرض.
ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم : قال ، ابن جريج المعنى: لأسمعهم [ ص: 166 ] الحجج والمواعظ سماع تفهم. وابن زيد:
وقيل: المعنى: لأسمعهم كلام الموتى الذين طلبوا إحياءهم؛ لأنهم طلبوا إحياء قصي بن كلاب، وغيره؛ ليشهدوا بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
: لأسمعهم جواب كل ما سألوا عنه. الزجاج
وقوله: ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون : أعلم الله تعالى أنهم لا ينتفعون بما يسمعون؛ إذ قد سبق في علمه أنهم لا يؤمنون، والمراد به: المشركون، وقيل: المنافقون.