وقوله: واعلموا أنما غنمتم من شيء ... الآية:
(الغنيمة): غير النفل، و (النفل): ما قدمناه في أول السورة، وكذلك (الفيء) غير الغنيمة؛ لأنه و (الغنيمة): ما غنمه المسلمون من المشركين عنوة، روي ذلك عن ما أخذه المسلمون صلحا من غير قتال، عطاء بن السائب، ، وغيرهما، وقاله والثوري . الشافعي
وقيل: إنهما واحد، وإن هذه الآية ناسخة للتي في [الحشر: 5]، قاله ، وغيره. قتادة
وقيل: إن الفيء المذكور في (الحشر) مخصوص في أموال بني النضير، جعلت للنبي عليه الصلاة والسلام، يفعل فيها ما رآه.
وعن : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتوى ابن عباس ينبع كلها لنفقته، ولمصالح [ ص: 177 ] المسلمين، ولم يقسمها، فقال قوم: هلا قسمها، فأنزل الله: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى [الحشر: 7] ... الآية.
: لما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم بأموال ابن زيد بني النضير المهاجرين؛ تكلم في ذلك بعض الأنصار، فعاتبهم الله في ذلك بقوله: وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب [الحشر: 6- 7] ... الآيات.
[وقيل: إن أحكام الآيات الثلاث مختلفة؛ فالتي في هذه السورة، فيما غنم بإيجاف خيل وركاب؛ فهو للأصناف المذكورة في هذه الآية، وقوله: وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب [الحشر: 6]]: للنبي عليه الصلاة والسلام خاصة، وقوله: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ... الآية [الحشر: 7]: يعني به: الجزية والخراج؛ فهو للأصناف المذكورة في الآية، روي ذلك عن معمر.
واختلف العلماء في المذكورة في هذه السورة؛ فقال قسم الغنيمة ، عطاء : خمس الله وخمس رسوله صلى الله عليه وسلم واحد؛ فأربعة أخماس الغنيمة لمن قاتل عليها، والخمس الباقي يقسم على خمسة: خمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وخمس لقرابته، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل. والشعبي
[ ص: 178 ] كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم الغنيمة على خمسة، فيعزل منها سهما واحدا، ويقسم الأربعة بين الناس، ثم يضرب بيده في السهم الذي عزله، فما قبض عليه من شيء؛ جعله أبو العالية: للكعبة، ثم يقسم بقية السهم الذي عزله على خمسة: سهم للنبي عليه الصلاة والسلام، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.
وأصحابه: تقسم الغنيمة على خمسة: للجيش أربعة أخماسها، ويقسم الخامس على ثلاثة: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وارتفع عندهم حكم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بموته؛ كما ارتفع حكم سهمه، قالوا: ويبدأ من الخمس بإصلاح القناطر، وبناء المساجد، وأرزاق القضاة والجند، وروي نحو هذا عن أبو حنيفة، أيضا. الشافعي
وذهب بعض العلماء: إلى أن يقسم على ستة: فيجعل السدس في خمس الغنيمة الكعبة، وهو الذي لله عز وجل، والثاني: لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والثالث: لذوي [ ص: 179 ] القربى، والرابع: لليتامى، والخامس: للمساكين، والسادس: لابن السبيل.
وقال بعض أصحاب هذا القول: يرد السهم الذي لله تعالى على ذوي الحاجة من عباده.
وقال آخرون: يقسم خمس الغنيمة على أربعة؛ فما كان لله وللرسول؛ فهو لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثلاثة: في الأصناف الثلاثة الباقية.
: خمس الغنيمة والفيء سواء، يجعلان في بيت مال المسلمين. مالك
: بلغني عمن أثق به: أن ابن القاسم قال: ويعطي الإمام منه أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدر اجتهاده. مالكا
وقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم سهمه فيهم -في قول من يرى ذلك- قيل: هم بنو هاشم خاصة، وقيل: هم بنو هاشم، وبنو عبد المطلب.
وقيل: قريش كلها الذين يجمعهم معه أقصى آبائه من قريش، دون أقاربه من قبل أمهاته من غير قريش.
[ ص: 180 ] وقيل: أقاربه الأقصون والأدنون، من قبل آبائه وأمهاته.
وقال بعض العلماء في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه بعده للإمام، وقال قوم: يرد على الأصناف المذكورين في الآية، وقال قوم: يرد سهمه على الذين شهدوا الوقعة، ومن وجب له أربعة أخماس الغنيمة، وقال قوم: يجعل في العدة في سبيل الله.
: يضعه الإمام في كل أمر يحصن به الإسلام وأهله. الشافعي