وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته : وهو وقوله تعالى: العزيز: اشتراه من التجار الذين قدموا به، وكان اسم العزيز فيما ذكر إطفير، وكان على خزائن الأرض، والملك الأعظم يومئذ الريان من العمالقة، وقيل: كان الملك الأعظم فرعون موسى.
[ ص: 473 ] وقوله: وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه : كان اسم امرأة العزيز فيما روي راعيل، و (المثوى): موضع المقام، وكان العزيز فيما روي لا يأتي النساء، فأراد أن يتبنى يوسف.
وقوله تعالى: وكذلك مكنا ليوسف في الأرض أي: كما خلصناه من القتل، ومن الجب، كذلك مكنا له في الأرض، فجعلناه على خزائنها.
وقوله: ولنعلمه من تأويل الأحاديث : [أي: ولنعلمه من تأويل الأحاديث] مكناه.
وقوله تعالى: والله غالب على أمره يعني: الذين باعوه بثمن بخس، وزهدوا فيه، والذين حملوه إلى مصر.
وقوله تعالى: ولما بلغ أشده : قد تقدم القول في (الأشد).
وكذلك نجزي المحسنين أي: كما فعلنا بيوسف؛ كذلك نفعل بمن أطاع وأحسن، وقيل: يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 474 ] وقوله: وراودته التي هو في بيتها عن نفسه : يروى: أن أول ما قالت له: يا يوسف، ما أحسن شعرك! فقال لها: إنه أول شيء يبلى مني، فقالت: ما أحسن عينيك! قال: هما أول ما يسيل على الأرض من جسدي.
وقوله: وقالت هيت لك أي: أقبل وتعال، وهو مذكور في الإعراب.
قال معاذ الله أي: أعوذ به معاذا أن أفعل هذا.
وقوله تعالى: إنه ربي أحسن مثواي قيل: (الهاء) لله عز وجل، عن وغيره. الزجاج،
وقيل: (الهاء) للعزيز، والمعنى: إنه مالكي، أحسن مثواي بإكرامه إياي، وروي معناه عن الحسن، وغيرهما. ومجاهد،
وقيل: (الهاء) للأمر، أو الحديث.
و (الهاء): في إنه لا يفلح الظالمون : للأمر أو الحديث.
وقوله: ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه : (الهم): مقاربة [ ص: 475 ] الأمر من غير دخول فيه، [ولا بد من تعلق الهم بمحذوف، إذ الذات لا يسوغ ذلك فيها، والمحذوف المتعلق به هم المرأة معروف]، واختلف في يوسف بامرأة العزيز، فقيل: هم كهمها، وقال بعض القائلين بذلك: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: ولقد همت به، وهم بها كذلك، لولا أن رأى برهان ربه، لنصرف عنه السوء والفحشاء، [وجواب {لولا} محذوف، والتقدير: لولا أن رأى برهان ربه لفعل، أو يكون مقدما عليها]. هم
وقال بعضهم: هم بضربها ودفعها عن نفسه، ولم يفعل لئلا يحتج بذلك عليه.
[ويكون معنى لولا أن رأى برهان ربه على هذا: أن الله تعالى أراه برهانا دله على أنه إن ضربها، لحقه في ذلك ضرر من أهلها، أو من ادعائها عليه، ويكون معنى لنصرف عنه السوء والفحشاء على هذا: ظن الناس به إذا ادعت أنه إنما ضربها حين امتنعت، وجواب {لولا} محذوف، أو مقدم عليها كما تقدم، والدليل على أن همه مخالف لهمها: ما جاء في النص بعد من قول المرأة: الآن حصحص الحق ، وغير ذلك.
وقيل كان همه الشهوة، وخطور أمرها بباله من غير عزم].
[ ص: 476 ] وقيل: لم يكن همه كهمها: لأن المرأة همت بالعزيمة، وهم يوسف بالمحبة من جهة الشهوة، روي معناه عن الحسن.
وقيل: لم يهم بها، وتمام الكلام عند قوله: ولقد همت به ، ثم قال: وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ؛ والمعنى: لولا أن رأى برهان ربه، لهم بها، وتقديم جواب {لولا} عليها بعيد.
وجاءت في هذه الآية أخبار ذكرت جملتها في "الكبير"؛ منها: ما روي عن ابن عباس، وغيرهما: أنه رأى صورة والحسن، يعقوب عليه السلام عاضا على أنامله.
نودي: يا قتادة: يوسف، أنت مكتوب في الأنبياء وتعمل عمل السفهاء؟!
وقيل: رأى جبريل عليه السلام، فناداه: لئن واقعت الخطيئة، لأمحونك من ديوان النبوة.
وقيل: إن جبريل عليه السلام ركضه برجله بعد النداء ركضة فلم تبق فيه شهوة إلا خرجت، فوثب، واستبقا الباب، فتطايرت مسامير الباب، فلم تقدر أن تغلقه، فتعلقت بقميص يوسف فقدته من دبر.
[ ص: 477 ] وقيل: رأى في الحائط: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [الإسراء: 32].
وقيل: رأى ذلك مكتوبا بين عيني المرأة. وقيل: قامت المرأة تستر صنما لها، فقال لها: أتستحين من صنم لا يبصر ولا يسمع، ولا يضر ولا ينفع، ولا أستحيي من إلهي القائم على كل نفس بما كسبت؟! والله لا تنالينها مني أبدا.
[وقيل: إن البرهان الذي أراه الله ما دله عليه من تحريم الزنا، واستحقاق فاعله العقاب].
وقوله تعالى: وشهد شاهد من أهلها : روي عن ابن عباس، وغيرهما: أنه صبي كان في المهد، وعن وأبي هريرة، أيضا: كان رجلا حكيما. ابن عباس
وعن وغيره: (الشاهد) القميص. مجاهد،
وقوله: فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن : قيل: قال ذلك لها العزيز.
وقيل: قاله لها الشاهد، ثم قال ليوسف: يوسف أعرض عن هذا ، وقال للمرأة: واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ، ولم يقل: من الخاطئات؛ لأنه قصد إلى الإخبار عن المذكر والمؤنث، فالمعنى: من الناس الخاطئين.