التفسير:
قال مجاهد: والنجم إذا هوى : والثريا إذا سقطت مع الفجر، وعنه أيضا: والقرآن إذا نزل.
المراد بـ {والنجم} : النجوم إذا سقطت يوم القيامة، وعنه أيضا قال: أقسم الله تبارك وتعالى بالنجم إذا غار. الحسن:
وقيل المراد به: النجوم التي ترجم بها الشياطين، والتوحيد فيه إذا أريد به النجوم- على طريق الجنس، ومعنى (هوى) على هذا: قصد، ومعناه إذا جعل القرآن-: نزل، وإذا جعل النجم يغيب؛ فمعناه: إذا سقط في مستقره.
[ ص: 248 ] وجواب القسم قوله: ما ضل صاحبكم ؛ يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم؛ أي: ما ضل عن الحق.
وما غوى أي: وما زال عنه، وقيل: معنى: وما غوى : ما خاب مما طلب، وقيل: ما صار غاويا.
[ وما ينطق عن الهوى أي: ما ينطق محمد عن الهوى؛ أي: عن هواه، إنما ينطق عن الوحي].
وقوله: علمه شديد القوى يعني: جبريل عليه السلام في قول سائر المفسرين سوى فإنه قال: هو الله عز وجل، ويكون قوله: الحسن، ذو مرة على قول تمام الكلام، ثم قال: {فاستوى الحسن- وهو بالأفق الأعلى ؛ أي: استوى جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام بالأفق الأعلى، قاله الربيع بن أنس، فهذا على العطف على المضمر المرفوع بـ {وهو} . والفراء:
وقد روي عن أيضا: أن معناه: فاستوى الله تعالى على العرش. الحسن
[وقيل: المعنى: فاستوى جبريل بالأفق الأعلى، وهو أصح الأقوال].
ومعنى قوله: ذو مرة : ذو قوة، وأصله من شدة فتل الحبل؛ كأنه استمر به الفتل حتى بلغ إلى حال يصعب معها الحل.
[ ص: 249 ] وعن أن المعنى: ذو منظر حسن، وعن ابن عباس: ذو خلق طويل حسن، وقيل: معناه: ذو صحة جسم، وسلامة من الآفات، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام: قتادة: . ((لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي))
والمراد به على جميع هذه الأقوال: جبريل عليه السلام، سوى القول الأول الذي هو القوة؛ فإنه يصلح أن يوصف به الله عز وجل، ويصلح أن يكون لجبريل عليه السلام.
وقوله: وهو بالأفق الأعلى : جملة في موضع الحال؛ والمعنى: فاستوى عاليا؛ أي: استوى جبريل عاليا على صورته، ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام قبل ذلك يراه عليها.
و(الأفق) : ناحية السماء، وجمعه: (آفاق) ، هو الموضع الذي تأتي منه الشمس. قتادة:
وقوله: ثم دنا فتدلى أي: دنا جبريل فتدلى، عن الحسن، وغيرهما. وقتادة،
وقوله: فكان قاب قوسين أو أدنى أي: كان جبريل من محمد في مكان لو رأيتموه لقلتم: مقداره قوسان من القسي العربية أو أقل.
وقيل: {أو} بمعنى: الواو، وقيل: بمعنى: (بل) .
و(قاب القوس) : قدر طولها، وإنما مثل ذلك بالقوس؛ لأن مقدارها [ ص: 250 ] واحد، لا يتفاوت بالزيادة والنقصان، وقيل: إن معنى قاب قوسين : قدر الوتر من القوس مرتين.
وروي عن في قوله: ابن عباس ثم دنا فتدلى : أن معناه: أن الله تعالى دنا من محمد صلى الله عليه وسلم، وروى نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ والمعنى: دنا منه أمره وحكمه. أنس بن مالك
وذهب إلى أن الفاء في {فتدلى} بمعنى الواو؛ والتقدير: ثم تدلى الفراء: جبريل، ودنا.
وقوله: فأوحى إلى عبده ما أوحى : قيل: المعنى: فأوحى الله إلى عبده محمد ما أوحى، وقيل: المعنى: فأوحى الله إلى عبده جبريل ما أوحى، وقيل: المعنى: فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى.
وقوله: ما كذب الفؤاد ما رأى أي: ما كذب فؤاد محمد في ما رأى.
و {ما} : يجوز أن تكون مع الفعل مصدرا، ويجوز أن تكون بمعنى: (الذي) .
ومن شدد {كذب} ؛ و {ما} مفعولة بغير حرف مقدر؛ لأنه يتعدى مشددا بغير حرف، ويجوز أن تكون بمعنى: (الذي) ، والعائد محذوف، ويجوز أن تكون مع الفعل مصدرا.
[ ص: 251 ] وقوله: أفتمارونه على ما يرى أي: أفتجادلونه؟ ومن قرأ: {أفتمارونه} ؛ فمعناه: أفتجحدونه؟
المبرد: (مراه عن حقه) ، و(على حقه) ؛ إذا منعه منه، ودفعه عنه، قال: ومثل كون {على} بمعنى: (عن) قول بني كعب بن سعد: (رضي الله عليك) .
وقوله: ولقد رآه نـزلة أخرى : قال المعنى: رأى ابن عباس: محمد ربه مرة أخرى بقلبه.
وعن ابن مسعود، رضي الله عنها، وغيرهما: أن المعنى: ولقد رأى وعائشة محمد جبريل نزلة أخرى على صورته، قال قال النبي عليه الصلاة والسلام: ابن مسعود: جبريل بالأفق الأعلى له ست مئة جناح، يتناثر من ريشه الدر والياقوت)) . ((رأيت
وقوله: عند سدرة المنتهى : (السدرة) : النبق.
قال هي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما يعرج إلى السماء، وما ينزل من فوقها. ابن مسعود:
وعن رضي الله عنه أنه قال: إليها ينتهي [من كان على سنة النبي عليه الصلاة والسلام. علي
كعب: هي شجرة على رءوس حملة العرش، إليها ينتهي] علم الخلائق.
سميت الربيع بن أنس: سدرة المنتهى ؛ لأنها إليها تنتهي أرواح الشهداء.
[ ص: 252 ] وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: أنس بن مالك ((رأيت نبقها كقلال هجر، وورقها كآذان الفيلة، يخرج من ساقها نهران ظاهران، ونهران باطنان، فسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الأنهار؛ فقال: أما الظاهران؛ فالنيل والفرات، وأما الباطنان؛ ففي الجنة)) سدرة المنتهى في السماء السابعة، .
وقوله: عندها جنة المأوى : قيل: الجنة التي أوى إليها آدم عليه السلام، وهي في السماء الرابعة.
هي التي يصير إليها أهل الجنة. الحسن:
ومن قرأ: جنة المأوى : فهو من قولهم: (جنة الليل) ، و(أجنة) .