التفسير :
قوله تعالى : هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر قال : هم عروة بن الزبير بنو النضير ، صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجلاء ، فخرجوا بكل شيء إلا السلاح .
قال في قوله : ابن عباس لأول الحشر : هم ، وأخرج من داره . أول من حشر من أهل الكتاب
وقيل : إنهم أخرجوا إلى خيبر ، وإن معنى لأول الحشر : إخراجهم من حصونهم إلى خيبر ، و (آخره) : إخراج رضي الله عنه إياهم من عمر خيبر إلى نجد وأذرعات .
وقيل : إن : حشرهم يوم القيامة . آخر الحشر
قال : إن شككتم أن عكرمة فاقرؤوا : الشام أرض المحشر؛ لأول الحشر .
[ ص: 373 ] : تأتي نار ، فتحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، وكذلك قال قتادة : {الحشر} : يوم القيامة . الحسن
وقوله : ما ظننتم أن يخرجوا أي : لشدتهم ، واجتماع كلمتهم .
وقوله : فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا أي : من حيث لم يظنوا ، وقيل : من حيث لم يعلموا .
أبو صالح : أتاهم من حيث لم يحتسبوا بقتل ابن الأشرف .
وقوله : يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين : قال : كان المؤمنون يخربون من خارج؛ ليدخلوا ، واليهود يخربون من داخل؛ ليبنوا به ما خرب من حصونهم . قتادة
، الزهري : يعني : تخريبهم خشب البيوت؛ ليحملوها معهم؛ إذ صولحوا على ما حملت إبلهم . وابن زيد
وقوله : فاعتبروا يا أولي الأبصار : يجوز أن تكون أبصار العيون ، ويجوز أن تكون أبصار القلوب .
وقوله : ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا أي : بالقتل والسباء .
وقوله : فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب أي : أنكم لم تلقوا في غنائم بني النضير حربا ولا مؤونة ، إنما غنمتموه بغير إيجاف خيل ولا إبل ، وقيل : يعني : أموال بني قريظة .
[ ص: 374 ] يقال : أوجف الفرس؛ إذا أسرع ، وأوجفته؛ إذا حركته .
وقوله : كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم أي : كي لا يكون الفيء دولة ، ومن قرأ : {تكون} بالتاء؛ أراد : الغنيمة؛ والمعنى : فعلنا ذلك في هذا الفيء؛ كي لا يقسمه الأغنياء بينهم ويتداولوه دون من ذكر الله عز وجل .
و (الدولة) ؛ بالضم : نقل النعمة من قوم إلى قوم ، وهي بالفتح : المرة من الاستيلاء والغلبة .
: (الدولة) ؛ بالضم : مثل العارية ، وبالفتح : من (دال عليهم الدهر دولة) ، و (دالت الحرب بهم) . الكسائي
عيسى بن عمر : يكونان جميعا في الحرب والمال .
: (الدولة) ؛ بالفتح : الظفر ، وبالضم : ما يتداوله الناس بينهم . أبو عمرو بن العلاء
أبو الفتح : منهم من يفصل بينهما ، فيقول : (الدولة) ؛ بالفتح : في الملك ، [ ص: 375 ] وبالضم؛ في الملك ، ومنهم من لا يفصل .
وقوله : ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الآية :
قال : هم ابن عباس عبد الله بن أبي وأصحابه؛ يعني : أنهم قالوا ذلك لقريظة [والنضير .
وقيل : هو قول بني النضير لقريظة] .
وقوله : لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار : قيل : معناه : لا ينصرونهم طائعين ، ولئن نصروهم مكرهين؛ ليولن الأدبار .
وقيل : معنى لا ينصرونهم : لا يدومون على نصرهم ، هذا على أن الضميرين متفقان .
وقيل : إنهما مختلفان؛ والمعنى : لئن أخرج اليهود؛ لا يخرج معهم المنافقون ، ولئن قوتلوا؛ لا ينصرونهم ، ولئن نصروهم؛ أي : لئن نصر اليهود المنافقين؛ ليولن الأدبار .
وقيل : إنما قال : ولئن نصروهم ؛ على أنه أخبر عما قد أخبر أنه لا يكون؛ كيف كان يكون لو كان؟
وقيل : معنى ولئن نصروهم : ولئن شئنا أن ينصرونهم ، وزينا ذلك لهم؛ [ ص: 376 ] ليولن الأدبار .
وقوله : لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله يعني : صدور بني النضير .
وقوله : ذلك بأنهم قوم لا يفقهون أي : لا يفقهون قدر عظمة الله وقدرته .
[ بأسهم بينهم شديد يعني : عداوة بعضهم لبعض] .