وقوله : لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [يعني : في العدة ، ، وهي في قول لا تخرج من المسكن الذي طلقت فيه حتى تنقضي عدتها ، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة] ، ابن عباس ، والحسن ، وغيرهم : والشعبي
[ ص: 420 ] الزنا ، فتخرج ، ويقام عليها الحد .
وعن أيضا : (الفاحشة) : كل معصية؛ كالزنا ، والسرقة ، والبذاء على الأهل ، وهو اختيار ابن عباس . الطبري
، ابن عمر : (الفاحشة) : خروجها من بيتها في العدة . والسدي
: (الفاحشة) : النشوز ، وذلك أن يطلقها على النشوز ، فتتحول من بيته . قتادة
وهذا عند بعض العلماء لمن طلقت عليه طلقة واحدة أو اثنتين؛ لقوله تعالى : لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، وقال بعضهم : هو لكل مطلقة ثلاثا فما دونها؛ لأن السكنى على الزوج ، وقال قوم : هو لمن لم تطلق ، وللمطلقة أقل من ثلاث .
ولا خلاف في واختلف في وجوب السكنى والنفقة للمطلقة واحدة أو اثنتين ، ، مالك : أن لها السكنى ، ولا نفقة لها والشافعي ، ومذهب المطلقة ثلاثا؛ فمذهب وأصحابه : أن لها السكنى والنفقة ، ومذهب أبي حنيفة ، ابن حنبل وإسحاق ، : أن لا نفقة لها ، ولا سكنى . وأبي ثور
وليس للمطلقة التي يملك الزوج عليها الرجعة الخروج من الموضع الذي طلقت فيه حتى تنقضي عدتها بإجماع ، فإن كان الطلاق لا يملك فيه الرجعة؛ فمذهب ، مالك ، وأصحابه : أنها لا تخرج ، وقال وأبي حنيفة ، ابن عباس ، والحسن ، [ ص: 421 ] وغيرهم : تعتد حيث شاءت . وطاووس
في قول وليس لها أن تحج في عدتها ، الشافعي ، وأصحابه ، وقال وأبي حنيفة : ترد ما لم تحرم ، وقال مالك ، ابن حنبل وإسحاق ، وغيرهما : لها أن تحج في العدة .
وقوله : وأشهدوا ذوي عدل منكم يعني : . على الرجعة ، وهو عند أكثر العلماء ندب
وإذا جامع ، أو قبل ، أو باشر ، يريد بذلك الرجعة ، [أو عند تكلم بالرجعة ، يريد به الرجعة؛ فهو مراجع ، فإن لم يرد بذلك الرجعة]؛ فليس بمراجع ، وقال مالك وأصحابه : إذا قبل ، أو باشر ، أو لمس لشهوة؛ فهو رجعة ، قالوا : أبو حنيفة . والنظر إلى الفرج رجعة
، الشافعي : إذا تكلم بالرجعة؛ فهو رجعة . وأبو ثور
وقوله : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم الآية : هذه الآية مخصصة للتي في (البقرة) [228] ، وقد تقدم ذكر ذلك .
وقوله : إن ارتبتم : قال عثمان رضي الله عنه : هذا في المطلقة تعتد حيضة أو حيضتين ، ثم ينقطع الحيض عنها بغير علة تعرف ، فتستراب بها ، فتنتظر تسعة [ ص: 422 ] أشهر ، فإن يئست من المحيض فيهن؛ اعتدت ثلاثة أشهر ، وقاله مالك .
: قوله : مجاهد إن ارتبتم : للمخاطبين؛ يعني : إن لم تعلموا كم عدة اليائسة ، والتي لم تحض؛ فالعدة هذه .
إسماعيل بن أبي خالد : لما نزلت والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [البقرة : 228]؛ قالوا : فاختلفوا ، فنزلت هذه الآية . فالصغيرة التي لم تحض؟ والكبيرة؟
وقيل : المعنى : إن ارتبتم أن الدم الذي يظهر منها من أجل كبر أو من الحيض المعهود ، أو من الاستحاضة؛ فالعدة ثلاثة أشهر .
: معنى ابن زيد إن ارتبتم : إن خفتم أن تكون حيضتها ارتفعت .
عكرمة ، وقتادة : من الريبة : المرأة المستحاضة التي لا يستقيم لها الحيض ، [ ص: 423 ] تحيض في أول الشهر مرارا ، وفي الأشهر مرة؛ فعدتها ثلاثة أشهر .
واختار أن يكون المعنى : إن شككتم ، فلم تدروا ما الحكم فيهن؟ الطبري
وقيل : إنه متصل بأول السورة؛ والمعنى : لا تخرجوهن من بيوتهن إن ارتبتم في انقضاء العدة .
فأما المرأة التي يرتفع عنها الدم لكبرها ، ولا ينقطع ، لكنه يختلف؛ فمذهب فيها ما قدمناه من أنها إن حاضت حيضة ، أو حيضتين ، ثم ارتفع عنها؛ انتظرت تسعة أشهر ، ثم ثلاثة ، ثم حلت للأزواج ، وقاله مالك الشافعي بالعراق ، وروي عن أيضا : أن أقراءها على ما كانت حتى تبلغ سن اليائسات ، وهو قول النخعي ، والثوري ، وغيرهما ، وحكاه أبو عبيد عن أهل العراق . الشافعي
وقال : إذا حاضت حيضا مختلفا؛ اعتدت بثلاثة أشهر؛ لأنها ريبة . عكرمة
وقال : إذا كانت تحيض مرة في الأشهر اعتدت سنة . ابن المسيب
ويطلق الحامل زوجها متى شاء في قول ، مالك ، والشافعي ، وقال وأبي حنيفة : يطلقها للأهلة؛ لئلا يطول عليها ، وقال الأوزاعي الشعبي : وقتادة
[ ص: 424 ] يطلقها للأهلة ، وكره الحسن . طلاقه إياها وهي حامل
وقوله : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن : لا خلاف بين العلماء في وجوب ، أو أقل منهن ، حتى تضع حملها . النفقة والسكنى للحامل المطلقة ثلاثا
وغيره من العلماء ، وحكاه ولا نفقة للحامل المتوفى عنها زوجها عند مالك أبو عبيد عن وأصحابه ، وأوجب لها أبي حنيفة شريح والشعبي وغيرهم النفقة ، وروي ذلك عن والثوري علي . وابن مسعود
وتقدم القول في أحكام الرضاع .
وقوله : لينفق ذو سعة من سعته الآية : اختلف العلماء في فمذهب العاجز عن نفقة امرأته؛ ، مالك ، وغيرهما : التفريق بينهما ، ولا يفرق بينهما عند والشافعي وأصحابه . أبي حنيفة
وروي : أن المذكورة في هذه السورة نزل بسبب حكم الرجعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، كان النبي صلى الله عليه وسلم طلقها واحدة ، فأمر الله تعالى بمراجعتها ، وقيل له : حفصة بنت عمر . "إنها صوامة قوامة ، وإنها من نسائك في الجنة"
[ ص: 425 ] وقد تقدم في (البقرة) [234] ذكر ما لم أذكره ههنا من حكم المتوفى عنها زوجها وغيرها .