فصل [في عقد أهل الكفر للنكاح]
عقد أهل الكفر النكاح عقد يلزم كل واحد منهما بعد الإسلام الوفاء به، أسلما قبل الدخول أو بعده، فإن أرادت الزوجة الذهاب، وقالت: لا يلزمني ما عقدت على نفسي في حال الكفر، لم يكن ذلك لها.
وإن لم يكن ذلك له، ولها أن تطلبه بنصف الصداق. أحب الزوج قبل الدخول ألا يدفع نصف الصداق ويرفع يده عنها
وإن رضيا بترك المطالبة بالعقد المتقدم لم يترك إلا بطلاق، وسواء كان العقد صحيحا أو فاسدا أو زنى وتماديا قبل الإسلام على وجه النكاح، أو تزوجها في العدة، أو نكاح متعة، ثم ثبتا عليه بعد انقضاء العدة، وبعد ذهاب الأجل في المتعة، وقبل الإسلام.
فإن كان له الخيار أن يحبس إحداهما، وليس لها أن تأبى منه، ويلزمها ذلك بالعقد المتقدم، ولا يراعى الأولى منهما، ولا كون العقد واحدا أو مفترقا؛ لأن ذلك من باب الصحة والفساد، وذلك حق الله تعالى. أسلم على أختين
وما عقد في حال الكفر لم يخاطبا فيه حينئذ بذلك، ولم يكن له أن يتمسك بهما جميعا؛ لأن ذلك مما لا يصلح التمادي عليه في الإسلام.
وإن كان له أن يمسك أربعا، ولا خيار لمن أحب إمساكها منهن، وذلك لازم لهن بالعقد المتقدم، ولا يراعى أيضا هل كان ذلك [ ص: 2124 ] في عقد واحد أو مفترقا؟ أسلم على عشر نسوة؛
والأصل في ذلك حديث فيروز الديلمي قال يا رسول الله: أسلمت وتحتي أختان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اختر أيتهما شئت" ذكره الترمذي. غيلان الثقفي فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذ منهن أربعا، وفارق سائرهن" أسلم وعنده عشرة نسوة، فلو كان عقد الكافر كلا عقد، لم يخيره النبي - صلى الله عليه وسلم - في إمساك أربع، ولوجب استئناف النكاح بولي وصداق إذا رضيا ولم يعتبر الأوائل من الأواخر؛ لأنه من باب الصحة والفساد؛ لأنهم لم يكونوا مخاطبين حينئذ. وحديث
وأما الحرمة فلا يختلف أنهما الآن في الإسلام مخاطبون بما كان من الإصابة في حال الكفر، وإن فإن أصاب امرأة في حال الكفر حرمت على آبائه وأبنائه في الإسلام، وحرمت عليه أمهاتها وبناتها، حرمتا عليه. أصاب امرأة وأمها في حال الكفر، ثم أسلموا
واختلف إذا لم يصبها أو أصاب إحداهما، فقال في "المدونة": إن لم يصبها، كان بالخيار يحبس أيتهما أحب، وإن أصاب إحداهما أمسكها وفارق [ ص: 2125 ] الأخرى.
وقال غيره: يفارقهما جميعا، وإن لم يصبها ثم يتزوج الابنة إن شاء.
وقال في "كتاب محمد": إن لم يصب واحدة منهما حبس الابنة، وإن أصاب الأم حرمتا جميعا عليه. وقاله أشهب في "كتاب ابن حبيب". مالك
وأجاز إن لم يصب الابنة أن يمسك الأم. ابن القاسم
ورأى أن النظر في ذلك من باب الصحة والفساد، ومنع ذلك مالك، وأشهب، والغير في "المدونة" فحرموا الأم بإسلامها على البنت؛ لأن نكاحها في الحكم حكم النكاح الصحيح، لما كان لو انفردت لم يكن فيه خيار، وكان لكل واحدة منهما مطالبة الأخرى بالعقد الأول. وابن حبيب،
واختلف بعد القول بتحريم الأم إذا لم يكن دخل بواحدة منهما، هل له أن يمسك الابنة من غير فسخ أو يفسخ النكاحان، ويستأنف عقد الابنة؟
وقال في "كتاب محمد" في أشهب وليس ذلك بنكاح حتى يسلموا عليه، وليس عقد الشرك دون الوطء يوجب التحريم إذا أسلم في أم من كان نكح، ولا تحرم على آبائه [ ص: 2126 ] وأبنائه، وقاله كتابي أو مجوسي تزوج امرأة، فلم يمس حتى مات أو فارق في شركه، فلا تحرم بذلك على آبائه وأبنائه المسلمين، ابن القاسم.
قال محمد: وذكر لنا عن أنه قال: تحرم الأم بعقد الشرك في البنت وتحرم على آبائه وأبنائه. أشهب
قال: وفي قول لو أشهب: فإن كان الثاني مسها حرمت عليهما، وإن لم يمس ولا تلذذ ثبتت عند الأول؛ لأن نكاح الثاني لو أسلم عليه لم تقر عنده ولا يضر إلا بالمسيس. فارق زوجته في شركه قبل أن يمس، ثم نكحها أبوه أو ابنه، ثم فارقها أو مات عنها، ثم نكحها الأول، وأسلم وهي تحته،
يريد: لأن عقد الثاني فاسد، ويلزم على قول هذا الآخر أن يقول إذا تزوج أما وابنتها، أو أختين، أو أكثر من أربع نسوة، ثم أسلم - أن يلزم العقد الأول، ويفسخ الثاني. أشهب